للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحداث في غير سخط أو تبرم، وأن تبدو على الدوام باسم الثغر، وأن تسعى بجهدك إلى أن تنشر البهجة والسرور من حولك"١.

ومن هذا كله نرى أن الإسلام قد جاء بمبادئ وجَّه بها النفوس البشرية إلى ما فيه سعادتها، وشفى ما فيها من أمراض هي سبب شقائها وتعاستها، وصدق الله العظيم إذ يقول: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} ٢، {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} ٣.

وأخيرا يتبين لنا بوضوح أن الأخلاق الإسلامية تحاول إخضاع كل سلوك، ما ظهر منه وما بطن لروح الأخلاق التي جاء بها، وهي تستهدف من وراء ذلك صلاح الإنسان وسعادته في هذه الحياة، وإذا كان الأمر كذلك فإن مجال الأخلاق هو هذه الحياة كلها من حيث هي موضوع الأخلاق وغايتها معا؛ لأن من الأعمال الباطنية هي النيات والغايات، وهي إما تكون خيرة أو شريرة، والأعمال الظاهرة إما تكون خيرة أو شريرة، حسنة أو سيئة، نافعة أو ضارة، وعلى هذا الأساس فإن كل سلوك إما أن تدخل في الأخلاق الحسنة أو تدخل في الأخلاق السيئة من هذه المنطلقات، ولهذا يمكن القول بكل تأكيد: إن كل سلوك مجال أخلاقي وميدان من ميادينها.


١ طريق السعادة للدكتور فيكتور بوشيه ص ١٣٤.
٢ يونس: ٥٧.
٣ طه: ١٢٣.

<<  <   >  >>