في هذه المقدمة سنتكلم عن دوافع إنجاز هذه الموسوعة كما سنتكلم عن أهمية الأخلاق وأهمية التربية الأخلاقية للأفراد والجماعات والشعوب على حد سواء.
ولإدراكي لهذه الأهمية فقد كرست جزءًا كبيرًا من حياتي لها، حيث استغرقت الدراسات الأخلاقية ثماني سنوات متواصلة من عمري، وكنت متفرغًا فيها لهذه الدراسة، ولم أكن قد تزوجت، ولم تكن لي في الوقت نفسه وظيفة، ولهذا كان جل وقتي منصبًّا على هذه الدراسة، وكان الدافع الأساسي إلى هذه الدراسة هو رؤيتي المشكلات الاجتماعية وتحليلي لأسبابها وبخاصة مشكلة ازدياد الجرائم الظاهرة والباطنة في الحياة الاجتماعية العامة وفي الإدارات أو الدوائر الحكومية، وبالذات في مجال التربية والتعليم، وبخاصة تلك الجرائم والانحرافات الخطيرة التي تفتك بكيان الدولة والمجتمع من الناحية الاقتصادية والوظيفية والاجتماعية، ذلك أنها تثير العداوة والبغضاء والصراعات الاجتماعية بسبب انتشار الاختلاسات الظاهرة والباطنة من أموال الدولة من قبل بعض الموظفين، وبسبب انتشار الظلم والمحاباة والرشوة والغش والتزوير وما أشبه ذلك، وهي كلها ترجع أساسًا إلى النقص الخلقي.
وعندما نظرت إلى المنحرفين والمفسدين الذين يفسدون ويرتكبون جرائم تتسع آثارها وتمتد على نطاق واسع وجدتهم من المتعلمين الذين تخرجوا في المدارس والمعاهد والجامعات، فقلت: ألم يتعلم هؤلاء الأخلاق في المدارس؟، ونظرت إلى المناهج التعليمية، فوجدتها تفتقد هذه الدراسات الأخلاقية بصفة عامة، ووجدت أيضا في بعض البلاد