الأخلاقيات تدرس باعتبارها عادات وتقاليد وأعرافًا سائدة في المجتمع، وهي تتغير بحسب الزمان والمكان، وهي تقوم على دراسات نقدية توجه أحيانًا ضد الأخلاق والقيم بأنها تقاليد وأعراف اجتماعية لا تحمل في ذاتها قيمة ثابتة كما تحمل القوانين العلمية التي تنطوي على قيمتها في ذاتها، وبخاصة فإنها تقرر أحيانًا في بعض الجامعات والمدارس بطريقة غير موجهة، وعلى هذا الأساس تدرس من زوايا وآراء فلسفية مختلفة ومتناقضة بين آراء الغربيين والشرقيين مما يجعل الطلاب في حيرة، ويقولون: أين الحق؟ أليست هناك حقائق أخلاقية ثابتة؟ هل هي مجرد آراء متضاربة ومتناقضة؟ إن مثل هذه الدراسات الأخلاقية تهون من شأن القيم الأخلاقية إذ إنها بدلًا من أن تدفع الناس إلى التمسك بها تقتل روح هذا التمسك في نفوس المتعلمين، وغيابها قد يكون أفضل من وجودها.
وزاد اقتناعي بأهمية تعليم الأخلاق وبأهمية التربية الأخلاقية نتيجة بعض الوقائع حيث علمت من خلالها أن مجرد الاهتمام بالعلوم والتقدم فيها لا يصلح شيئًا من النفوس، ولا يساعد على انتشار الأخلاق وقيمتها في حياة الأفراد والجماعات.
فمن تلك الوقائع مثلًا: كنت سألت عن حال مدينة كنت زرتها منذ عشرة سنوات من حيث الصلاح والفساد، فقال الذي يتردد عليها: لقد انتشر الفساد فيها انتشارًا فظيعًا، فلما استفسرت عن السبب، قال السبب هو إنشاء الجامعة فيها، فقلت: هل الجامعة تكون سببًا للفساد؟ إن هذا لَتفسير عجيب، فالجامعة مفروض أن تكون منار إصلاح وإشعاع نور وهداية وتهذيب الأخلاقيات