للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- المعايير الأخلاقية الذاتية أو الداخلية:

كنا قد بينا أن للإنسان قوتين للتمييز بين الخير والشر وهما القوة العاقلة والقوة القلبية الوجدانية أو الروحية١، وهما من المعايير الداخلية وقد اعتد بهما الإسلام لوزن الأعمال الأخلاقية إلى جانب المعيار الخارجي الذي هو المبادئ التشريعية والأخلاقية التي جاء بها الإسلام ووضعها في صورة قوانين لنظام الحياة.

أما المعيار الأول هو: المعيار العقلي

فهو الذي يختص بالتمييز بين الحق والباطل، والحق خير والباطل شر. فيظهر دور العقل باعتباره معيارا لوزن الأعمال الأخلاقية وتمييز أخلاقيتها من عدم أخلاقيتها.

وقد أقر الرسول -صلى الله عليه وسلم- معيارية العقل عندما أرسل معاذ بن جبل قاضيا إلى اليمن فقال له: "كيف تقضي؟ قال: أقضي بما في كتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله. قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد برأيي، قال الرسول عندئذ: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله" ٢. وروي أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوما تستفسر عن جواز أداء الحج عن أمها فقالت: يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها, أرأيت لو كان عليها دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء" ٣.

وليست السنة هي التي أجازت القياس واستعملته فحسب بل إن القرآن


١ ص: ١٢٦.
٢ التاج جـ٣، فصل الاجتهاد ص ٦٦.
٣ التاج جـ ٢، يقضي الحج عن الميت ص١١٠.

<<  <   >  >>