على أن هذه حالات فردية وليست جماعية, وحق الاستثناء مكفول لكل فرد في الحالات الضرورية في كل الميادين الأخلاقية, إذ إن الضرورات تبيح المحظورات, ولقد قرر المؤتمر الإسلامي الثاني المنعقد في القاهرة سنة ١٩٦٥ الذي كان يضم العلماء المسلمين من العالم الإسلامي، فيما يتعلق بتحديد النسل:"أن الإسلام رغب في زيادة النسل, وإذا كان هناك ضرورة شخصية تحتم تنظيم النسل فللزوجين أن يتصرفا طبقا لما تقتضيه الضرورة وتقدير هذه الضرورة متروك لضمير الفرد ودينه, لكن لا يصح شرعا وضع قوانين تجبر الناس على تحديد النسل بأي وجه من الوجوه"١.
وأما فيما يتعلق بالقانون الثالث والأخير وهو قانون الارتقاء العقلي والروحي, فهو قانون من قوانين حياة الإنسان الواقعية, يمثل جزءا هاما في حياته, وبه تتميز حياته عن حياة الحيوان، ويدخل في هذا القانون جميع الحواس المعنوية للإنسان, مثل: الحاسة العقلية والقدسية والأدبية والدينية والجمالية، ويمكن أن نقسم هذه الحواس بحسب النوع الإدراكي إلى عقلي وعاطفي, فالأول: يعتمد على الذكاء, والثاني: يعتمد على الشعور والإحساس العاطفي، ويجب أن ندرك أن ضرورة العاطفة لحياة الإنسان لا تقل عن ضرورة الذكاء, بل قد تزيد في بعض النواحي, ذلك أن الذكاء يدرك فقط, والعاطفة تدرك وتدفع الإنسان إلى السلوك وفقا لإدراكاتها, ثم إنها هي التي تضفي على حياة الإنسان معنى, وهي التي تجعل الإنسان يعيش في عالم أوسع من هذا العالم المحسوس، ومن هنا يقول الدكتور "الكسيس كارل": "إن العاطفة تدرك الحقيقة الواقعة بصورة أكثر مباشرة
١ انظر قرارات المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سنة ١٩٦٥.