للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صورة إنسان ثم تركه حتى يبس وأصبح صلصالا يرن كالفخار {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ} ١, ويذكر القرطبي أنه لما كان جسدا من غير روح مرت الملائكة به فلما رأته فزعت منه, وكان إبليس أشد منهم فزعا, وكان يضربه لما كان جسدا قبل نفخ الروح فيه، فكان يصوت كالجسد كما يصوت الفخار وكان يقول للملائكة أرأيتم هذا الذي لا يشبه واحدا من الخلائق٢, وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "لما خلق الله آدم تركه ما شاء أن يدعه, فجعل إبليس يطوف به, فلما عرف أنه أجوف عرف أنه لا يتمالك" ٣.

وبعد أن سواه وصوره بتلك الصورة نفخ فيه الروح وأمر الملائكة بالسجود له {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ٤, {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} ٥, وبعد خلق آدم بالأطوار السابقة خلق حواء زوجته من نفسه {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} ٦, وجاء في الحديث أن الله خلق حواء من ضلع آدم: "إن المرأة خلقت من ضلع, وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه, فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء" ٧.

وعن طريق التزاوج بين آدم وحواء جاءت ذريته {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} ٨.


١ الحجر:٢٦.
٢ تفسير القرطبي جـ١ ص٢٨٥.
٣ شرح العسقلاني للبخاري جـ٧، باب خلق آدم ص١٧١.
٤ الحجر: ٢٩.
٥ الأعراف: ١١.
٦ الأعراف: ١٨٩.
٧ فتح الباري بشرح البخاري جـ٧ باب خلق آدم وذريته ص١٧٧.
٨ الأعراف: ١٨٩.

<<  <   >  >>