للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإنسان في رأي هؤلاء آخر حلقة من حلقات تطور الكائنات الحية, ولهذا فهو أرقى كائن حي أو هو أرقى حيوان، وللاستدلال على ذلك يعقدون المقارنة بينه وبين القردة العليا مثل: الشمبانزي والغوريلا لوجود التشابه بينهما باعتبار القرد آخر سلم التطور الحيواني قبل الإنسان, والمقارنة بين القردة العليا والإنسان يمكن أن نقسمها إلى قسمين: الأول في الجانب الجسمي, والثاني في الجانب السيكولوجي أو الروحي، وسوف أركز معالجتي على هذا الجانب الأخير؛ لأنني أرى أن تمايز الإنسان من حيث كونه نوعا مستقلا عن الحيوان يظهر أكثر وضوحا عند المقارنة بهذا الجانب الأخير١.

إن الفارق الروحي بين الإنسان والقرد هو أهم فارق, وهو يعد حلقة من أهم الحلقات المفقودة، وأكبر فجوة من الفجوات التي لم تستطع الآثار والدراسات الحديثة أن تكملها أو تملأها حتى الآن، ولم يستطع علماء الأحياء أن يؤكدوا وجود أصل حيواني لروح الإنسان٢, ثم إن داروين نفسه اعترف بوجود ثغرات واسعة في نظريته تنتظر من يسد خلتها٣, كما اعترف بأنه يتكلم عن الأطوار التي تؤثر في جسد الإنسان ولا شأن له بما عدا ذلك من الملكات الروحية التي يقررها له الدين٤.

والملكات الروحية أو النفسية في الإنسان كما يقررها علماء النفس والتربية هي: الإدراك والتذكر والخيال والشعور واللاشعور والتوقع والإحساس


١ عالج الأستاذ العقاد بإفاضة الجانب الجسمي في كتابه "الإنسان في القرآن"
٢ معالم تاريخ الإنسانية جـ١ ص ٣٣.
٣ المصدر نفسه جـ١ ص ٦٤.
٤ الإنسان في القرآن ص ٨٩.

<<  <   >  >>