للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان في الحياة هي منبع الأخلاق, إذ إن الإنسان قد اهتدى إلى قوانين الأخلاق بعد تجارب طويلة في الحياة كما اهتدى إلى المعارف الأخرى بالطريقة نفسها١، وهذا هو اتجاه التجريبيين.

والاتجاه الثالث: يرى أن مصدر الأخلاق الوحي فإن الله أراد أن يكون نظام حياة الناس على هذا النحو ثم أوحى به إلى رسل البشر وطلب من الناس تطبيقه في الحياة، وهذا هو اتجاه المتدينين بصفة عامة.

أما رأي الإسلام في هذا الموضوع فيمكننا استخلاصه من دراستنا السابقة, فلقد قلنا إن قيم الأخلاق وقوانينها بصورة كلية موحاة من قبل الخالق إلى الإنسان منذ أن بدأ الإنسان الأول حياته فوق هذا الكوكب, وتتابعت الرسالات الإلهية إلى الناس عن طريق الرسل جيلا بعد جيل يتسع نطاقها ومحتواها كلما زادت رقعة العلاقات الاجتماعية وزاد نضج العقلية الإنسانية حتى اكتملت صورة النظام الأخلاقي برسالة النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء، وكانت الوصايا الهامة التي نادى بها كل رسول تمثل دستور النظام الأخلاقي {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} ٢.

ثم إنا قررنا أيضاً ملاءمة القوانين الأخلاقية للقوانين الطبيعية, ثم مراعاة القوانين الأخلاقية قوانين الطبيعة البشرية ومن أهم ما قررنا وجود فطرة الحاسة


١- المشكلة الأخلاقية والفلاسفة. أندريه كرسون ص ٦-١٩-٥٣.
-منبعا الأخلاق والدين. هنري برجسون.
-الفلسفة الخلقية. الدكتور توفيق الطويل - ١٦٨.
٢- الشورى: ١٣.

<<  <   >  >>