أما الضرورة فهي العلة في حدوث الظواهر الطبيعية غير أن هذه الحرية في رأيه ليست متحررة تماماً عن القوانين, بل هناك قوانين خاصة بها كما أن للطبيعة قوانين خاصة بها, وهذه القوانين مخلوقة للطبيعة وتلك مخلوقة للإرادة الحرة.
إلا أن الأولى لم تخلق قوانينها لنفسها، والأمر في ذلك على خلاف قوانين الإرادة الحرة, ومن هنا يفرق بين الإرادة الحرة والإرادة الخاضعة وإن كانت هي نفسها, فهي من حيث إنها تخلق القوانين الأخلاقية تعد إرادة حرة ومن حيث إنها ألزمت نفسها بالخضوع لهذه القوانين التي خلقتها بنفسها فهي من هذه الجهة إرادة خاضعة, ويرى أن دليل هذه الحرية ليس التجربة؛ لأن وجودها سابق للتجربة أي: أن دليلها قبلي؛ لأن كل كائن لا يمكن أن يفعل فعلاً إلا بتأثير فكرة الحرية, وقد يبدو هنا في تفكيره أن الشعور بالحرية أساس بالإحساس بالخضوع لهذه القوانين, وأن هذا الإحساس أساس الإحساس بالحرية، وكأن هناك دوراً يجيب على ذلك "كانظ" فيقول: "إن الحرية والتشريع اللذين تضعهما الإرادة لنفسها كلاهما في واقع الأمر ضرب من الاستقلال الذاتي ويحل أحدهما محل الآخر تبعاً لذلك، وهذا هو السبب في أننا لا نستطيع أن نستعين بأحدهما لتفسير الآخر وبيان الأساس الذي يبنى عليه", ويقول أيضاً: "إن الإنسان باعتباره عضواً في عالم الحس خاضع لقوانين الطبيعة, ويدرك هذه القوانين عن طريق الحواس وهو باعتباره عضواً في عالم المعقول خاضع لقوانين هذا العالم يدرك قوانينه عن طريق العقل، وإحساسه بالحرية يؤدي إلى الشعور بالاستقلال الذاتي وهذا الشعور بالاستقلال الذاتي يدل على أن وجود القانون الأخلاقي أساس للشعور بالحرية، وإلا فإننا حين نتصور أنفسنا ملتزمين بالواجب نعتبر أعضاء في عالم المعقول كما نعد