للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في التفكير الأخلاقي؛ ذلك أن الإنسان ليس مسئولا فقط عن فعل الشر، بل هو مسئول أيضاً عن دفع الشر؛ لأن هدف الأخلاق تحقيق السعادة، والسعادة لا تتحقق إلا بإنقاذ الإنسان من الشر أولا ثم تحقيق الخيرات له ثانياً, وإنقاذ الإنسان من الشر لا يتم إلا بالكف عن الشر ودفع الشر، ولذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المبادئ الهامة للغاية في التفكير الأخلاقي في الإسلام، ثم إن هناك مسئولية أخرى لا يمكن يتحملها الإنسان، وهي أن يتحمل وزر الآخر بالقصد أو بالكلام كما قال الكفار للمؤمنين: اكفروا بمحمد فإننا نحمل عنكم وزر الكفر، ولهذا نزل قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ١.

كما أن المسلم إذا دعا الكافر إلى الإسلام فلم يؤمن ودعا المنحرف إلى الاستقامة فلم يستقم فلا يكون مسئولا عندئذ عن كفر الكافر ولا عن ضلال المنحرف، ولهذا قال تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ٢، {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ, لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} ٣.

لكن ينبغي أن نفرق هنا بين مسئولية المسلم عن ضلال الكافر وكفره، وبين مسئوليته عن فساد المسلم وانحرافه، فالمسئولية إزاء الكفر قاصرة على الدعوة والإرشاد فقط وليس عليه إكراههم على الإيمان {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} ٤.

أما المسئولية إزاء فساد المسلم والمجتمع الإسلامي فالأمر يختلف؛ ذلك أن المسئولية هنا لا تقتصر على مجرد الدعوة والإرشاد بل تشمل أيضاً مقاومة


١ الأنعام: ١٦٤.
٢ المائدة: ١٠٥.
٣ الغاشية: ٢١ - ٢٢.
٤ يونس: ٩٩.

<<  <   >  >>