للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريق النصوص أن لتلك الحياة نهاية أو لا نهاية لها، أو أن هناك حياة أخرى بعد تلك الحياة؛ لأنه لا توجد هناك نصوص صريحة في هذا الشأن, لكن لا نستبعد أن تكون لتلك الحياة نهاية؛ لأن الله تعالى ترك لنفسه المشيئة بعد ذكر الخلود, وهذا يمكن أن يفيد أنه إذا أراد أن يمد مدة تلك الحياة إلى ما يشاء أو أن ينهيها أو يبدلها بعد انتهاء مدتها له أن يفعل؛ لأنه فعال لما يريد قادر على كل شيء وأنه إذا قال: كن فيكون.

لكن لا يحق لنا القول بأن للنار نهاية وليست للجنة نهاية؛ لأننا إذا قلنا: إن المراد من الاستثناء هنا معناه الحقيقي فإنه قد ورد في كلا الطرفين، كما أن معنى التأبيد قد ورد كذلك في كلا الطرفين أو الحياتين مثل قوله تعالى في حق أهل النار: {فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} ١، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً, إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} ٢، وقال تعالى في حياة أهل الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} ٣، {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ٤، ثم إن كلمة التأبيد لا تدل دائماً على اللا نهاية في الزمن بلا تدل أحياناً على نهاية زمن ما والدليل على ذلك قوله تعالى: {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً} ٥، {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً} ٦، فإنها تدل هنا على عدم وجود الهداية إلى نهاية حياتهم الدنيا، إذن لا يحق لهؤلاء أن يجعلوا للنار أو لأهلها نهاية دون الجنة وأهلها، فذلك ترجيح بلا مرجح.

والآن في ضوء هذه الفكرة نستطيع تفسير جميع النصوص الواردة في هذا


١ الجن: ٢٣.
٢ النساء: ١٦٨-١٦٩.
٣ النساء: ٥٧.
٤ التغابن: ٩.
٥ الكهف: ٣٥.
٦ الكهف: ٢٠.

<<  <   >  >>