للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكشف عن مناهج وأساليب فنية للتطبيقات العملية. وهذه المثالية في البحث عن أنفع عمل الناس وأفضل طريقة لتحقيق الأعمال هي فكرة ملازمة للإنسان الأخلاقي؛ إذ إنه كلما يحقق عملا في ضوء هذه الفكرة يعود ليسأل نفسه: هل ما حققته هو العمل المثالي الذي ينبغي تحقيقه؟ وهل يمكن تحقيقه بصورة أكثر مثالية من الصور السابقة؟ وهل هناك أكثر نفعا من السابق وما السبيل إلى ذلك؟ وهكذا كلما حقق عملا مثاليا يبحث عن عمل أكثر مثالية كريمة يبحث عن حياة أكثر مثالية وسموا؛ وذلك تطبيقا لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرفها ويكره سفسافها" ١, وغير ذلك من الأحاديث التي ذكرنا فيما سبق٢, ولا شك أن ذلك كله سوف يؤدي إلى الإبداع والإتقان في العمل والأداء والكشف عن حقائق جديدة واختراع وسائل لأداء أعمال عظيمة إلى جانب أن الأخلاق تدعو إلى السعي إلى الأفضل واختيار البديل الأولى في كل الأمور وكل ذلك وسيلة للتقدم الحضاري.

ومن ذلك تظهر فائدة مفهوم المعيارية أو المثالية في التفكير الأخلاقي, ولا يحق لهؤلاء الذين يهاجمون التفكير الأخلاقي بدعوة أنه غير علمي؛ لأنه لا يخضع للمعايير العلمية الموضوعية. ويقولون: إن الأخلاق المعيارية غير محددة وإن مفهوم "ينبغي" مفهوم غامض غير محدد. والحقيقة -كما تتبين مما سبق- أن عدم محدودية مفهوم المثالي أو "ينبغي" هو من أهم مميزات هذا التفكير؛ لأنه هو الذي يدفع الإنسان إلى البحث الدائم عن الأعمال الأخلاقية المثالية وهو الذي يدفع الإنسان إلى السمو والرفعة باستمرار وإلى الأفضل.


١ الجامع الصغير جـ ١ ص ٧٥.
٢ راجع موضوع المعايير الخارجية في الإسلام وقد سبق ذكره.

<<  <   >  >>