الإنسان الخير لا بد من أن يعمل لخير الإنسانية, يضاف إلى هذا ما يجد من التقدير الأدبي من الناس وهو سائر في هذا الطريق. إن هذا العمل بهذا الإحساس هو سبيل السعادة الروحية التي تلازمه باستمرار, أما الانهماك في الملذات على حاسب الأخلاق فليس وسيلة السعادة بل هو وسيلة الشقاء ذلك أن الإنسان المنحرف يشعر دائما بالدناءة وتأنيب الضمير, وهذا سبب لإحساسه بالقلق والشقاوة. وهذه الحقيقة يدركها من يصغي عن قرب إلى أنين قلوب أولئك الذين انحرفوا عن الطريق السوي. ومن يقرأ كتاباتهم وأشعارهم.
ولا ننكر أيضا ما يعبرون به عن ملذاتهم الوقتية, إلا أن ما يعانونه من الشقاء النفسي والعذاب الروحي يساوي أضعاف ما يتمتعون به من اللذات أمام لذة الفضيلة إن صح هذا التعبير فهي دائمة لا تنقطع.
وهكذا نجد أن الأخلاق طريق الإنسانية ومن يخرج عن هذا الطريق تعاقبه الإنسانية: الإنسانية المكنونة في ضمير كل فرد أخلاقي ومن سار فيها تكافئه بالسعادة الروحية، وهي أغلى قيمة تهدف الأخلاق لتحقيقها للإنسانية.
وبعد هذا لنا أن نسأل ما الهدف من الأخلاق, الفرد أم المجتمع, وما قيمة الفرد وما قيمة المجتمع في الاتجاه الأخلاقي في الإسلام؟ هذه النقطة جديرة بالمعالجة؛ لأنها تؤثر تأثيرا كبيرا في النظام الخلقي للحياة, ولهذا فهي تحتاج إلى معالجة مفصلة خاصة. وهذا ما سنحاوله في الفصل التالي.