ميزة في هذه الحالة, أما إذا كان اختلافها يؤدي إلى اختلاف الناس في التقويم الأخلاقي، فلا شك أنه في هذه الحالة لا يعتبر ميزة، ولكن مهما كان الأمر فإن ذلك لا يدل على أن الشيء ليس له إلا قيمة واحدة, بل إنه قد يكون لشيء واحد عدة قيم، ولنضرب لذلك مثلا معدن الذهب فإن له قيمة موضوعية اتفق عليها جميع الناس في جميع البقاع ولكن هذه القيمة قد تختلف بالزيادة أو النقصان بحسب التشكيل والتصنيع والوضع والزمان وباختلاف الناس المقيمين.
فالصراف مثلا ينظر إليه باعتبار أنه نقد يروج في جميع البلاد وتزيد قيمته في نظر الصانع والفنان، وتزيد على هذا وذاك في نظر المُهْدَى إليه إذ كان قد قدم إليه كرمز للتفوق العلمي أو الأدبي من رئيس دولة، وهكذا توجد معايير مختلفة لقياس قيمة هذا الشيء فهناك معيار موضوعي مشترك وهناك معيار فني وهناك أخيرا معيار رمزي. وتختلف قيمته باختلاف المعيار.
وكذلك السلوك الأخلاقي له قيمة لدى جميع الناس ولكن هذه القيمة تختلف باختلاف معاييرهم فمنهم من يقيسها بالمعيار العقلي والآخر يقيسها بالمعيار الجمالي والأخير بالمعيار النفعي وما إلى ذلك، وكل يعطي له قيمة بحسب معياره وتزيد هذه القيمة في نظر إنسان يقيسها بجميع تلك المعايير.
كما أن اعتداد الإسلام بالعقل معيارا للأخلاق يدل على أن الأخلاق ليست أمرا تعبديا ومسألة ميتافيزيقية بحتة كما يدعي البعض.