للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسانية فقال "وما هذا القانون الطبيعي إلا القانون الأخلاقي الذي أودع الله في غريزة جبلتنا محبته والتقيد به والحفاظ عليه"١.

هذا أحد وجهتي النظر في فطرية السلوك التي مرجعها النفس والقلب، وهناك وجهة نظر أخرى تقول بوجود ملكة عقلية -لا ملكة نفسية أو قلبية كالأولى- تصدر أحكامها على أفعال الإنسان، وأحكامها بريئة عن احتمال الخطأ، وترى أن بعض الأفعال في ذاتها حق وعدل وخير، وبعضها الآخر باطل وظلم وشر، وأكبر مؤيد لهذا الاتجاه هو "بطلر"٢ الذي قال "إن الفضيلة طبيعية في الإنسان والرذيلة انتهاك لطبيعتنا، إذ هي نوع من تشويه الذات"٣.

ويقول "جون كارل فلوجل" مؤيدا وجهة النظر هذه، ومبينا مدى وضوح تلك المبادئ الأخلاقية في الطبيعة الإنسانية أو في عقل البشر "إن الأخلاق "بمعنى المثل العليا التي نسعى وراءها، والقيود التي تفرض وتراعى والآثام التي نشعر بها والعقاب الذي يجب أن نناله" راسخة كل الرسوخ في العقل البشري، وإن الإنسان في أساسه حيوان أخلاقي، لكن كثيرا من أخلاقياته خشن بدائي، سيئ التكيف مع الواقع، ولذلك كثيرا ما يبدو سلوك المرء متنافيا مع ما يحلم به عقله، وما يطمح إليه من سامي الآمال التي يكون متفطنا إليها"٤.


١ المذاهب الأخلاقية، دكتور عادل العوا، جـ ٢ ص ٤١٢.
٢ الفلسفة الخلقية، دكتور توفيق الطويل ص ١٦١.
٣ الموسوعة الفلسفية المختصرة، نقلها عن الإنجليزية مجموعة الأساتذة بإشراف الدكتور مصطفى نجيب محمود ص ٨٤.
٤ الإنسان والأخلاق والمجتمع جون كارل فلوجل، ترجمة عثمان نوير وغيره، ص ٢٣٧.

<<  <   >  >>