للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصلحة والثانية: دفع المفسدة، واختصرها البعض في قاعدة واحدة وهي تحقيق المصلحة أو جلب المصلحة، وذلك على أساس أن جلب المصلحة أو تحقيقها يقتضي دفع المفسدة والمضرة.

والشريعة تحاول تحقيق روح الأخلاق بالتشريعات الملزمة لدفع الناس إلى طريق الخير والفلاح وردعهم عن طريق الشرور والمفاسد، ولا تتحقق للإنسان السعادة إلا بذلك، ولهذا الأمر بالمعروف وهو الخير والنهي عن المنكر وهو الشر واجب.

وهكذا نجد أن الإسلام قد ربط بين جوانب الإسلام برباط أخلاقي لتحقيق غاية أخلاقية، وأصدق دليل على ذلك قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} ١، وأصحاب الخلق هم هؤلاء الذين يؤدون تلك الواجبات السابقة، وقد فهم هذه الروح الأخلاقية في الإسلام "أكثم بن صيفي" أحد حكماء العرب الذي قال عندما دعا قومه إلى الإسلام: "إن الذي يدعو إليه محمد لو لم يكن دينا لكان في أخلاق الناس حسنا"٢.

وبعد هذا كله لا نبالغ إذا قلنا: إن الأخلاق في الإسلام بالمفهوم السابق هي


١ سورة البقرة آية: ١٧٧.
٢ مختارات من روائع الأدب العربي، دكتور عبد السلام سرحان ص ٥٣٣.

<<  <   >  >>