للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الفلسفة بصفة عامة أن السعادة الكاملة تتم عن طريق التخلص من هذه الحياة التي هي مصدر الآلام والأحزان والشقاء والكآبة والتعاسة، والانتقال إلى عالم الإله أو إفناء الذات في الله: "في رأي من يثبت عقيدة التأله في أصل الدين البرهمي أو البوذي"١، أو الالتحاق بعالم النرفانا "في رأي من ينكر مثل تلك العقيدة في أصل هذه الديانة"٢، والنرفانا عالم موجود مستقل بذاته لا يوجد فيه ما يسمى بالفناء أو بعدم الفناء، وليس هو هذا العالم ولا غيره، هو نهاية عالم مرحلة التألم والمعاناة، وهو عالم لا يوصف بالتركيب ولا بالقدم ولا بالحدوث٣، يسعد من يدخل في نطاقه أو يفنى فيه، والسبيل إلى ذلك هو محاربة الأهواء والرغبات المادية، وترك اللذائذ والمتع الدنيوية، وتجنب الرذائل والآثام والقبائح مثل: الكذب وشهادة الزور والزنى وإراقة الدماء وقتل البقر بصفة خاصة، ثم التحلي بالفضائل مثل الجود والعفو والقناعة والاستقامة والطهارة ودراسة الفيدا والصبر والصدق وعبادة الله٤، ومعلوم أن الانتقال من دار الشقاء إلى دار السعادة يتم عن طريق التناسخ وهو من أهم مبادئ هذه الفلسفة، وللتناسخ في هذا المذهب مراتب، ولكل مرتبة تجربة روحية خاصة، وعند انتقال الروح في هذه التجربة من المرتبة الأولى إلى أعلاها تشعر بالسعادة الجزئية، وهكذا تزيد سعادتها وتكتمل عندما ترجع إلى مصدرها الأول وهو الله٥، أو إلى النرفانا.


١ الأسفار المقدسة، الدكتور علي عبد الواحد وافي، ص ١٦٣، انظر أيضا: الملل والنحل للشهرستاني ٥ ص ١٧٥.
٢ في الدين المقارن، الدكتور محمد كمال جعفر، ص ٢٥٩ وما بعدها.
٣ التصوف طريقة وتجربة ومذهبا، الدكتور محمد كمال إبراهيم جعفر، ص ٢٨٩.
٤ الأسفار المقدسة للدكتور علي عبد الواحد وافي، ص ١٧٠-١٨٠.
٥ المرجع السابق للدكتور علي عبد الواحد وافي، ص ١٦٤.

<<  <   >  >>