للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَتْ: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْنَا سَدَلَتْ إحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ هُشَيْمِ عَنْ يَزِيدَ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ محمد بن فضيل، وعن عبد اللَّهِ بْنِ إدْرِيسَ عَنْهُ، قَالَ فِي "الْإِمَامِ" وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ، وَخَالَفَهُمْ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ، فَقَالَ: عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَمَعَ ذلك فيزيد فِيهِ ضَعْفٌ، تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي جَمَاعَةٍ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ، انْتَهَى. قُلْت: حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي "سُنَنِهِ"١، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَخَالَفَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ثُمَّ أَخْرَجَ كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، نَحْوَ الدَّارَقُطْنِيِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ سَمَاعَ مُجَاهِدٍ مِنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَأَنْكَرَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَشُعْبَةُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُجَاهِدٌ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلٌ، فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ سَمَاعُهُ مِنْهَا، وَأَخْرَجَا لَهُ ٢ عَنْ عَائِشَةَ أَحَادِيثَ فِي بَعْضِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْهَا، نَحْوُ مَا رَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْت أَنَا، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَالِسٌ إلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ الضُّحَى فِي الْمَسْجِدِ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلَاتِهِمْ، فَقَالَ: بِدْعَةٌ، فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ: يَا أَبَا عبد الرحمن اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَرْبَعُ عُمَرَ: إحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُكَذِّبَهُ، وَنَرُدَّ عَلَيْهِ، وَسَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ فِي الْحُجْرَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ: أَلَا تَسْمَعِينَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إلَى مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَتْ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرَ: إحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ، فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا وَهُوَ مَعَهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الْحَجِّ"، وَالْبُخَارِيُّ فِي "الْمَغَازِي - فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ - فِي بَابِ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ"، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ كَذَلِكَ لَمَا أَخْرَجَهُ، لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ اللِّقَاءَ، وَسَمَاعَ الرَّاوِي مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَصَاعِدًا، وَلَا خِلَافَ فِي إدْرَاكِ مُجَاهِدٍ لِعَائِشَةَ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا ٣ عَنْ ابن أبي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: حِضْت بِسَرِفَ، فَطَهُرْت بِعَرَفَةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُجْزِئُ عَنْك طَوَافُك بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجَّتِك"، انْتَهَى. وَمُسْلِمٌ إنَّمَا يَعْتَبِرُ التَّعَاصُرَ، وَإِمْكَانَ السَّمَاعِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، مَعَ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ طَاوُسٍ عَنْ عَائِشَةَ بِإِسْنَادٍ لَا خِلَافَ فِي اتِّصَالِهِ، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ فِي "سُنَنِهِ" ٤ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ، قَالَ: أُتِيَ مُجَاهِدٌ بِقَدَحٍ


١ عند الدارقطني: ص ٢٨٦، وحديث سفيان عن مجاهد عن أم سلمة، عند الدارقطني: ص ٢٨٧.
٢ عند البخاري في "باب عمرة القضاء في "المغازي" ص ٦١٠ - ج ٢، عند مسلم: ص ٤٠٩ - ج ١ في "الحج" واللفظ له.
٣ عند مسلم: ص ٣٩١، ورواية طاوس عند مسلم: ص ٣٩٠.
٤ عند النسائي في "باب ذكر القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للغسل" ص ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>