كِتَابُ الْهِبَةِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا"، قُلْت تَكَلَّفَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ، فَعَزَاهُ لِلْفِرْدَوْسِ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا عَجْزٌ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَرُوِيَ مُرْسَلًا.
فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في كتابه الْمُفْرَدِ فِي الْأَدَبِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ ثَنَا ضِمَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ سَمِعْت مُوسَى بْنَ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ فِي كِتَابِ الْكُنَى عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْر الْحَضْرَمِيِّ عَنْ ضِمَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بِهِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي الْبَابِ الْحَادِي وَالسِّتِّينَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِضِمَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ، وَقَالَ: إنَّ أَحَادِيثَهُ لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ عُلُومِ الْحَدِيثِ١ فَقَالَ: سَمِعْت أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ الله البوشبخي عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْر عَنْ ضِمَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: وَتَحَابُّوا إمَّا بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ مِنْ الْحُبِّ، وَإِمَّا بِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْمُحَابَاةِ، انْتَهَى. قُلْت: يَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حَرْبٍ عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ وَدَاعٍ، أَوْ قَالَ: وادع، قال: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {تَهَادَوْا تَزِيدُوا فِي الْقَلْبِ حُبًّا} انْتَهَى. قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَحَادِيثِ الشِّهَابِ: حَدِيثُ: {تَهَادَوْا تَحَابُّوا} , رَوَاهُ ضِمَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ، فَرَوَى عَنْهُ مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ أَبَا النَّذِيرِ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو قَبِيلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِضِمَامٍ فِيهِ طَرِيقَانِ: عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، وَعَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رواه إسماعيل الرَّاشِدِيُّ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي يَأْتِي.
١ أخرجه الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث في النوع العشرين، من علوم الحديث: ص ٨٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute