للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بَعِيرَيْنِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلِّنِي أَحَدَهُمَا"، فَقَالَ: هُوَ لَك بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَقَالَ: "أَمَّا بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَلَا"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت: التَّوْلِيَةُ وَالْإِقَالَةُ سَوَاءٌ، لَا بَأْسَ بِهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا مُسْتَفَاضًا بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: "مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَيَسْتَوْفِيَهُ، إلَّا أَنْ يُشْرِكَ فِيهِ، أَوْ يُوَلِّيَهُ، أَوْ يُقِيلَهُ"، انْتَهَى.

وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ: فِي الْبُخَارِيِّ١ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، فَقَالَ عليه السلام: "بِالثَّمَنِ"، الْحَدِيثَ. لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَلَفْظُهُ: فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ إحْدَى الرَّاحِلَتَيْنِ، فَقَالَ: خُذْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَارْكَبْهَا، فَقَالَ عليه السلام: "قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ" ٢ الْحَدِيثَ. وَفِي الطَّبَقَاتِ لِابْنِ سَعْدٍ٣ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اشْتَرَاهُمَا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ نَعَمِ بَنِي قُشَيْرٍ، فَأَخَذَ إحْدَاهُمَا، وَهِيَ الْقَصْوَاءُ، الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَطَاوُسٍ، قَالُوا: التَّوْلِيَةُ بَيْعٌ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَزَادَ: وَلَا بَيْعَ حَتَّى يَقْبِضَ، انْتَهَى.


١ قلت: عند البخاري في مواضع، وهذا اللفظ أخرجه في المناقب باب هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه إلى المدينة ص ٥٥٣ ج ١ في حديث طويل.
٢ قال السهيلي في الروض الأنف حين مر على هذا الحديث: فسئل بعض أهل العلم لِمَ لم يقبلها إلا بالثمن، وقد أنفق أبو بكر عليه من ماله ما هو أكثر من هذا فقبل، وقد قال عليه السلام: "ليس من أحد أمّن عليّ في أهل ومال من أبي بكر"، وقد دفع إليه حين بنى بعائشة ثنتي عشرة أوقية ونشاً، فلم يأب من ذلك؟ فقال المسئول: إنما ذلك لتكون هجرته إلى الله بنفسه وماله، رغبة منه عليه السلام في استكمال فضل الهجرة، وأن تكون الهجرة والجهاد على أتم أحوالهما، وهو قول حسن، انتهى.
٣ عند ابن سعد في ذكر خروج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر إلى المدينة للهجرة: ص ١٥٣ القسم الأول من الجزء الأول فسماها القصواء، وذكر السهيلي أن تلك الناقة تسمى بالجدعاء، وهي غير العضباء التي جاء فيها الحديث، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>