للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، قُلْت: رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"١ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ زَيْدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وَرَدْنَا الْبَقِيعَ إذَا هُوَ بِقَبْرٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: فُلَانَةَ، فَعَرَفَهَا، فَقَالَ:"أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهَا"؟!، قَالُوا: كُنْتَ قَائِلًا صَائِمًا، قَالَ: "فَلَا تَفْعَلُوا، لَا أَعْرِفَنَّ مَا مَاتَ مِنْكُمْ مَيِّتٌ، مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إلَّا آذَنْتُمُونِي بِهِ، فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ رَحْمَةٌ"، قَالَ: ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْفَضَائِلِ" وَسَكَتَ عَنْهُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ٢ ثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ قَدْ دُفِنَتْ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ"٣ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أمامة بن سهيل بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ مِسْكِينَةً مَرِضَتْ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرَضِهَا، فَقَالَ: "إذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا" فَخَرَجُوا بِجِنَازَتِهَا لَيْلًا، فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أُخْبِرَ بِشَأْنِهَا، فَقَالَ: "أَلَمْ آمُرُكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي بِهَا"؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلًا، أَوْ نُوقِظَكَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، انْتَهَى. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ٤ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: "أَفَلَا آذَنْتُمُونِي بِهِ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ"، فَأَتَى قَبْرَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ٥ أَيْضًا عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَصَفَّهُمْ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا، قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا؟ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ": وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ

مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِدَلِيلِ مَا وَرَدَ فِيهِ: "وَإِنِّي أُنَوِّرُهَا بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ"، وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمُوهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ عليه السلام صَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ٦، فَلَوْ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ لَزَجَرَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ٧ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ


١ وأحمد في "مسنده" ص ٣٨٨ ج ٤، والحاكم في "المستدرك" ص ٥٩١ ج ٣، والنسائي في "باب الصلاة على القبر" ص ٢٨٤، وابن ماجه فيه: ص ١١١، والطحاوي: ص ٢٩٥ ج ١، مختصراً، والبيهقي: ص ٤٨ ج ٤.
٢ أحمد: ص ١٣٠ ج ٣.
٣ "باب التكبير على الجنائز" ص ٧٩.
٤ البخاري في "باب الصلاة على القبر" ص ١٧٨، وفي "باب كنس المسجد" ص ٦٥، ومسلم: ٣٠٩.
٥ البخاري: ص ١٧٨، ومسلم: ص ٣٠٩.
٦ وتعقب بأن الذي يقع بالتبعية، لا ينهض دليلا للاصالة "فتح الباري" ص ١٦٥ ج ٣.
٧ البخاري أخرجه في ثلاثة مواضع مختصراً، ليس فيه، ثم قال: وأخرجه مسلم: ص ٣١٠ بهذه الزيادة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>