بَابُ الْبُغَاةِ
قَوْلُهُ: وَكَشَفَ الْإِمَامُ عَنْ شُبْهَتِهِمْ، لِأَنَّ عَلِيًّا فَعَلَ كَذَلِكَ بِأَهْلِ حَرُورَاءَ، قُلْت: رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي "سُنَنِهِ الْكُبْرَى - فِي خَصَائِصِ عَلِيٍّ" فَقَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو زميل سمك الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَتْ الْحَرُورِيَّةُ اعْتَزَلُوا فِي دَارٍ، وَكَانُوا سِتَّةَ آلَافٍ، فَقُلْت لِعَلِيٍّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْرِدْ بِالصَّلَاةِ، لَعَلِّي أُكَلِّمُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، قَالَ: إنِّي أَخَافُهُمْ عَلَيْك، قُلْتُ: كَلًّا، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي، وَمَضَيْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ فِي دَارٍ، وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِيهَا، فَقَالُوا: مَرْحَبًا بِك يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا جَاءَ بِك؟ قُلْت: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَمِنْ عِنْدِ ابْنِ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِهْرِهِ، وَعَلَيْهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَهُمْ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ مِنْكُمْ، وَلَيْسَ فِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ لِأُبَلِّغكُمْ مَا يَقُولُونَ، وَأُبَلِّغَهُمْ مَا تَقُولُونَ، فَانْتَحَى لِي نَفَرٌ مِنْهُمْ، قُلْتُ، هَاتُوا مَا نَقَمْتُمْ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنِ عَمِّهِ، وَخَتَنِهِ، وَأَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِهِ، قَالُوا: ثَلَاثٌ، قُلْت: مَا هِيَ؟ قَالُوا: إحْدَاهُنَّ أَنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنْ الْحُكْمُ إلَّا لِلَّهِ} ، قُلْت: هَذِهِ وَاحِدَةٌ، قَالُوا: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَإِنَّهُ قَاتَلَ، وَلَمْ يَسْبِ، وَلَمْ يَغْنَمْ، فَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا لَقَدْ حَلَّتْ لَنَا نِسَاؤُهُمْ، وَأَمْوَالُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ، قُلْتُ: هَذِهِ أُخْرَى، قَالُوا: وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَإِنَّهُ مَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ أَمِيرُ الْكَافِرِينَ، قُلْتُ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا؟ قَالُوا: حَسْبُنَا هَذَا، قُلْتُ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إنْ قَرَأْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَحَدَّثْتُكُمْ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ مَا يَرُدُّ قَوْلَكُمْ هَذَا، تَرْجِعُونَ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ، فَأَنَا أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ أَنْ قَدْ صَيَّرَ اللَّهُ حُكْمَهُ إلَى الرِّجَالِ فِي أَرْنَبٍ ثَمَنُهَا رُبْعُ دِرْهَمٍ، قَالَ تَعَالَى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ، إلَى قَوْلِهِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَالَ فِي الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} أُنْشِدُكُمْ اللَّهَ أَحُكْمُ الرِّجَالِ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَإِصْلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ أَحَقُّ، أَمْ فِي أَرْنَبٍ ثَمَنُهَا رُبْعُ دِرْهَمٍ؟ فَقَالُوا: اللَّهُمَّ بَلْ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ، وَإِصْلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ، قُلْت: أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute