للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الْجَوَارِحِ

قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمُ الْكَلْبِ أَنْ يَتْرُكَ الْأَكْلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَتَعْلِيمُ الْبَازِي أَنْ يَرْجِعَ، وَيُجِيبَ إذَا دَعَوْتَهُ، وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَفِي الْبُخَارِيِّ١: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَقَدْ أَفْسَدَهُ، إنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ} فَيُضْرَبُ وَيُعَلَّمُ، حَتَّى يَتْرُكَ، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ٢ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٌ ثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا أَبُو إسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الطَّيْرِ: إذَا أَرْسَلْته، فَقَتَلَ، فَكُلْ، فَإِنَّ الْكَلْبَ إذَا ضَرَبْته لَمْ يَعُدْ فَإِنَّ تَعْلِيمَ الطَّيْرِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى صَاحِبِهِ، وَلَيْسَ يُضْرَبُ، فَإِذَا أَكَلَ مِنْ الصَّيْدِ وَنَتَفَ الرِّيشَ، فَكُلْ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ الْمُبِيحُ وَالْمُحَرِّمُ، فَتَغْلِبُ جِهَةُ الْحُرْمَةِ نَصَّا، أَوْ احْتِيَاطًا، قُلْت: كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ: "مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ، إلَّا وَغَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ"، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَجَدْتُهُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، أَخْرَجَهُ عبد الرازق فِي مُصَنَّفِهِ فِي الطَّلَاقِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ إلَّا غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَذَلِكَ فِي الرَّجُلِ يَفْجُرُ بِامْرَأَةٍ، وَعِنْدَهُ ابْنَتُهَا أَوْ أُمُّهَا، فَإِنَّهُ يُفَارِقُهَا، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سنته: رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَجَابِرٌ ضَعِيفٌ، وَالشَّعْبِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مُنْقَطِعٌ، انْتَهَى.


١ عند البخاري في الصيد في باب إذا أكل الكلب ص ٨٢٤ ج ٢.
٢ عند ابن جرير في تفسيره ص ٥٢ ج ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>