للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَسْقَى، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ الصَّلَاةُ٢.قُلْت: أَمَّا اسْتِسْقَاءَهُ عليه السلام، فَصَحِيحٌ ثَابِتٌ، وَأَمَّا إنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ الصَّلَاةُ، فَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ صَحَّ أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ، كَمَا سَيَأْتِي، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ اسْتَسْقَى، وَلَمْ يُصَلِّ، بَلْ غَايَةُ مَا يُوجَدُ ذِكْرُ الِاسْتِسْقَاءِ دُونَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ الشَّيْءِ عَدَمُ وُقُوعِهِ، فَهَذَا كَمَا رُدَّ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي إيجَابِهِ الْعُمْرَةَ، بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ٣ أَمَرَ الْخَثْعَمِيَّةَ أَنْ تَقْضِيَ الْحَجَّ عَنْ أَبِيهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِقَضَاءِ الْعُمْرَةِ عَنْهُ، فَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله، بِأَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ ذِكْرُ الْعُمْرَةِ، وَلَكِنْ حَفِظَ الرَّاوِي بَعْضَهُ وَنَسِيَ بَعْضَهُ، أَوْ حَفِظَهُ كُلَّهُ، وَلَكِنْ أَدَّى الْبَعْضَ، وَتَرَكَ الْبَعْضَ، يَقَعُ ذَلِكَ بِحَسَبِ السُّؤَالِ وَالْحَاجَةِ، وَاَللَّهُ أعلم، فما ذُكِرَ فِيهِ الِاسْتِسْقَاءُ دُونَ الصَّلَاةِ، مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ٤ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ

اللَّهَ يُغِثْنَا٥، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا"، قَالَ أَنَسٌ: فَلَا وَاَللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ،


٢ يعني في ذلك الاستسقاء، فلا يرد أنه غير صحيح، كما قال الإِمام الحافظ الزيلعي، المخرج، ولو تعدى نظره إلى سطر، حتى رأى قوله في جوابهما، قلنا: فعله مرة، وتركه أخرى، فلم يكن سنة، لم يحمله على النفي مطلقاً. وإنما يكون سنة ما واظب عليه، كذا في "فتح القدير" ص ٤٣٧ ج ١.
٣ أخرج البخاري في "أول المناسك" ص ٢٠٥ حديث الخثعمية، من رواية ابن عباس رضي الله عنه.
٤ البخاري في "باب الاستسقاء في خطبة الجمعة" ص ٢٣٨، ومسلم في "الاستسقاء" ص ٢٩٣.
٥ في نسخة "يغيثنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>