للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَإِذَا فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً عَنْوَةً، فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ قَسَمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، قُلْت: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"١، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا ٢ لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إلَّا قَسَمْتهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، وَلَكِنْ أَتْرُكُهَا لَهُمْ خِزَانَةً، يَقْتَسِمُونَهَا، وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ" أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ يَقُولُ: لَوْلَا أَنْ تترك آخِرَ النَّاسِ لَا شَيْءَ لَهُمْ، مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ قَرْيَةً إلَّا قَسَمْتهَا سُهْمَانًا، كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ سُهْمَانًا، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ فِي "بَابِ الْقَسَامَةِ" أَنَّهُ عليه السلام أَقَرَّ خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِهَا، وَوَضَعَ عَلَيْهِمْ الْخَرَاجِ، قِيلَ: إنَّ الطَّحَاوِيَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَلْيُنْظَرْ.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ ٣ - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ" عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ، نِصْفًا لِنَوَائِبِهِ، وَنِصْفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَهُوَ أَحَدُ الثِّقَاتِ، انْتَهَى. ثُمَّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ قَسَمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، جَمْعُ كُلِّ منهم مِائَةُ سَهْمٍ، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ لِمَنْ نَزَلَ بِهِ مِنْ الْوُفُودِ، وَالْأُمُورِ، وَنَوَائِبِ النَّاسِ، انْتَهَى. ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ قَسَمَهَا سِتَّةً وَثَلَاثِينَ سَهْمًا جَمْعًا، فَعَزَلَ لِلْمُسْلِمِينَ الشَّطْرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، يَجْمَعُ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةً،


١ عند البخاري في "المغازي - في غزوة خيبر" ص ٦٠٨ - ج ٢.
٢ قوله: "ببانا" - بفتح موحدة أولى، وتشديد ثانية، وبنون - أي شيئاَ واحداً، وقيل: مستوياً، أي لولا أترك الذين بعدنا فقراء مستوين في الفقر لقسمت أراضي القرى مفتوحة بين الغانمين، فأتركها وقفاً مؤبداً باسترضائهم، كالخزانة يقتسمونها، كل وقت إلى يوم القيامة، انتهى. كذا في "هوامش البخاري" ص ٦٠٨ - ج ٢، نقلاً عن "مجمع البحار" للمحدث الفتني الهندي.
٣ عند أبي داود في "الخراج - باب ما جاء في حكم أرض خيبر" ص ٦٩ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>