للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الْبَقَرِ

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ مُعَاذًا رضي الله عنه أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعًا، أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ١ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ، لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ، أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ يَعْنِي مُحْتَلِمًا دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مِنْ الْمُعَافِرِ، ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ، انْتَهَى. قَالَ الترمذي: حديث حسن، وقد رواه بَعْضُهُمْ مُرْسَلًا، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مُعَاذًا، وَهَذَا أَصَحُّ، انْتَهَى. وَلَيْسَ عِنْدَ ابْنِ ماجه ذكر الحاكم، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي "بَابِ الْجِزْيَةِ" إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" مُسْنَدًا فِي النَّوْعِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَالْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"٢، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَالْمُرْسَلُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ٣ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ، فَذَكَرَهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ٤، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، وَالْبَزَّارُ فِي "مَسَانِيدِهِمْ"، وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ"، فَقَالَ: مَسْرُوقٌ لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا، ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ، وَغَيْرُهُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": أَخَافُ أَنْ يَكُونَ تَصَحَّفَ عَلَيْهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَبِي عُمَرَ، إذْ لَا يُعْرَفُ لِأَبِي عُمَرَ إلَّا خِلَافُ ذَلِكَ، وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فَإِنَّهُ رَمَاهُ بِالِانْقِطَاعِ أَوَّلًا، ثُمَّ رَجَعَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ. وَهَذَا نَصُّ كَلَامِهِمَا، قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي "التَّمْهِيدِ فِي بَابِ حُمَيْدٍ بْنِ قَيْسٍ": وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ مُعَاذٍ بِإِسْنَادِ مُتَّصِلٍ صَحِيحٍ ثَابِتٍ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثَنَا مَعْمَرٌ. وَالثَّوْرِيُّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: بَعَثَهُ النَّبِيُّ عليه السلام إلَى الْيَمَنِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً، الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِي "الِاسْتِذْكَارِ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ": وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ مَا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ هَذَا، وَأَنَّ النِّصَابَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَحَدِيثُ طَاوُسٍ هَذَا عَنْ مُعَاذٍ غَيْرُ مُتَّصِلٍ، وَالْحَدِيثُ عَنْ مُعَاذٍ ثَابِتٌ مُتَّصِلٌ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعَاذٍ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ، فَهَذَا نَصٌّ آخَرُ. وَأَمَّا ابْنُ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ٥ أَوَّلَ كَلَامِهِ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّ مَسْرُوقًا لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا، ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ٦ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: وَجَدْنَا حَدِيثَ مَسْرُوقٍ إنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ فِعْلَ مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ، وَمَسْرُوقٌ بِلَا شَكٍّ


١ أبو داود في "باب زكاة السائمة" ص ٢٢٩، والترمذي في "باب زكاة البقر" ص ٨٠ ج ١، والنسائي: ص ٣٣٩، وكذا ابن ماجه: ص ١٣٠، وابن جارود: ص ١٧٨.
٢ ص ٣٩٨ ج ١.
٣ ص ١٢ ج ٢.
٤ أحمد في "مسنده" ص ٢٣٠ ج ٥.
٥ "المحلى" ص ١١ ج ٦.
٦ قوله: ثم استدركه في آخر المسألة، أي في "المحلى" ص ١٦ ج ٦، قال علي: ثم استدركنا، فوجدنا حديث مسروق، الخ، بمعنى ما قال الزيلعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>