للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ

قَوْلُهُ: وَالسَّجْدَةُ فِي "حم السَّجْدَةِ"، عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} فِي قَوْلِ عُمَرَ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ لِلِاحْتِيَاطِ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي آخِرِ الْآيَتَيْنِ مِنْ "حم السَّجْدَةِ"، عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} ، انْتَهَى. وَزَادَ فِي لَفْظٍ: وَأَنَّهُ رَأَى رَجُلًا سَجَدَ عِنْدَ قَوْلِهِ: {إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ، فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ عَجِلْتَ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: قَالَ عليه السلام: "وَالسَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، وَعَلَى مَنْ تَلَاهَا"، قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، انْتَهَى. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ١، وَقَالَ عُثْمَانُ: إنَّمَا السُّجُودُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ، انْتَهَى. وَهَذَا التَّعْلِيقُ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُثْمَانَ مَرَّ بِقَاصٍّ، فَقَرَأَ سَجْدَةً، لِيَسْجُدَ مَعَهُ عُثْمَانُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إنَّمَا السُّجُودُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ، ثُمَّ مَضَى، وَلَمْ يَسْجُدْ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أخرج مُسْلِمٌ فِي "الْإِيمَانِ٢" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ، أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ، فَسَجَدَ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ، وَأَبَيْتُ، فَلِيَ النَّارُ"، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ وُجُوبِ السُّجُودِ، بِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَرَأْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَسْجُدْ، انْتَهَى. أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ٣"، وَبِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ٤: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟، قَالَ: "لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ، أَخْرَجَاهُ عَنْ طَلْحَةَ، نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ٥ عَنْ الشَّافِعِيِّ.

الْآثَارُ: رَوَى مَالِكٌ فِي "مُوَطَّئِهِ٦" عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سَجْدَةً، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَنَزَلَ، فَسَجَدَ، وَسَجَدْنَا مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ: "عَلَى رِسْلِكُمْ، إنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا، إلَّا أَنْ نَشَاءَ"، فَلَمْ يَسْجُدْ وَمَنَعَهُمْ أَنْ


١ في "أبواب سجود القرآن" ص ١٤٦.
٢ في "باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة" ص ٦١.
٣ البخاري في "أبواب سجود القرآن" ص ١٤٦، ومسلم في "باب سجود التلاوة" ص ٢١٥.
٤ أخرجه البخاري في "الإيمان في باب الزكاة في الإسلام" ص ١١، ومسلم في "باب بيان الصلوات التي هي أركان الاسلام" ص ٣٠.
٥ قلت: استدل به في "كتاب الأم" ص ١١٩.
٦ في "سجود القرآن" ص ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>