للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: " الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ فِيهِ الْمَنْطِقَ"، قُلْت: تَقَدَّمَ فِي "بَابِ الْإِحْرَامِ"، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهِ هُنَا لِلشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ، وَأَحْمَدُ مَعَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" بِحَدِيثَيْنِ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" كِلَاهُمَا عَنْ عَائِشَةَ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا حَاضَتْ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ عليه السلام: "اقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي"، الثَّانِي: أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكُنْت أَفَضْت يَوْمَ النَّحْرِ - يَعْنِي الطَّوَافَ -؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَانْفِرِي إذًا"، قَالَ: فَمَنَعَ مِنْ الطَّوَافِ لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ، قَالَ: فَإِنْ قَالَ الْخَصْمُ: إنَّمَا مَنَعَ لِأَجْلِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، قُلْنَا: الْمَنْقُولُ حُكْمٌ، وَسَبَبٌ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِالسَّبَبِ، فَلَمَّا تَعَرَّضَ لِلطَّوَافِ لَا لِلْمَسْجِدِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ": رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْت حَمَّادًا، أَوْ مَنْصُورًا عَنْ الرَّجُلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا، قَالَ: وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ ابْنِ بِشْرٍ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: حَاضَتْ امْرَأَةٌ، وَهِيَ تَطُوفُ مَعَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَتَمَّتْ بِهَا عَائِشَةُ سُنَّةَ طَوَافِهَا.

قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِيمَنْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ جُنُبًا أَنَّ عَلَيْهِ بَدَنَةً، قُلْت: غَرِيبٌ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "فَادْفَعُوا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ - يَعْنِي فِي الْإِفَاضَةِ - مِنْ عَرَفَاتٍ"، قُلْت: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ، فَلَمْ يَزَلْ عليه السلام وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ عليه السلام أَفَاضَ منها حين غربت الشمس، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ، قَالَ: كُنْت رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وَقَعَتْ الشَّمْسُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": إسْنَادُهُ حَسَنٌ، تقدم أَيْضًا عِنْدَ الْحَاكِمِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ مِثْلَ عَمَائِمِ الرِّجَالِ، وَإِنَّا نَدْفَعُ بَعْدَ أَنْ تَغِيبَ"، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ لَا يُفِيضُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ حَتَّى تُعَمَّمَ الشَّمْسُ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَفِيضُ حَتَّى تَغِيبَ، مُخْتَصَرٌ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الرُّكَيْنِ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: إذَا سَقَطَتْ الشَّمْسُ فَأَفِضْ، انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>