حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "الْمَرَاسِيلِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ: الْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ، وَالذِّئْبُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، فَذَكَرَهُ. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَةِ أَبِي دَاوُد، وَلَمْ يُعِلَّهُ بِشَيْءٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"، مُقْتَصِرًا فِيهِ عَلَى - الذِّئْبِ - وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الذِّئْبَ، وَكُلَّ عَدُوٍّ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ، انْتَهَى. قَالَ السَّرَقُسْطِيُّ فِي "غَرِيبِهِ": الْكَلْبُ الْعَقُورُ اسْمٌ لِكُلِّ عَاقِرٍ، حَتَّى اللِّصَّ الْمُقَاتِلَ، وَعَلَى هَذَا فَيَسْتَقِيمُ قِيَاسُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْخَمْسَةِ، مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا، وَلَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا عَدَمُ إفْرَادِهِ بِالذِّكْرِ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، تَأْكِيدًا لِلْخَاصِّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} : قُلْنَا: قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مُؤَخَّرُ الذِّكْرِ مُتَوَسِّطًا، هَكَذَا فِي "الصَّحِيحِ" وَغَيْرِهِ، وَأَيْضًا فَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد ذِكْرُ الْكَلْبِ مِنْ غَيْرِ وَصْفِهِ بِالْعَقُورِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَيَوَانُ الْخَاصُّ، لَا كُلُّ عَاقِرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ السَّرَقُسْطِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ الْأَسَدُ، وَسَنَدُهُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ سِيلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، هَلْ أَشَرْتُمْ، هَلْ دَلَلْتُمْ، تَقَدَّمَ فِي "الْإِحْرَامِ". قَوْلُهُ: وَقَالَ عَطَاءٌ: أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ عَلَى الدَّالِّ الْجَزَاءَ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَعَطَاءٌ هَذَا كَأَنَّ ابْنَ أَبِي رَبَاحٍ صَرَّحَ بِهِ فِي "الْمَبْسُوطِ" وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي "الْمُغْنِي" عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُمْ خِلَافُهُ، فَكَانَ إجْمَاعًا، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَالصَّحَابَةُ أَوْجَبُوا النَّظِيرَ مِنْ حيث الخلقة، قُلْت: رَوَى مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ ١ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ، وَفِي الْأَرْنَبِ بِعِنَاقٍ، وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ، انْتَهَى. وَعَنْ مَالِكٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ".
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، ومن جِهَتِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنهم قَالُوا فِي النَّعَامَةِ يَقْتُلُهَا الْمُحْرِمُ: بَدَنَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، انْتَهَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا نَقُولُ: إنَّ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ
١ عند مالك في "باب فدية ما أصيب من الطير والوحش" ص ١٦١ - ج ١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute