للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَمِعْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: قَتَادَةُ لَمْ يُدْرِكْ سِنَانَ بْنَ سَلَمَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا، انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ مُعَنْعَنٌ فِي مُسْلِمٍ، وَابْنِ مَاجَهْ، إلَّا أَنَّ مُسْلِمًا ذَكَرَ لَهُ شَوَاهِدَ، - وَلَمْ يُسَمِّهِ فِيهَا ذُؤَيْبًا، بَلْ قَالَ: رَجُلًا - وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلاً، وبعث معه بثمان عشر بَدَنَةً، فَقَالَ: أَرَأَيْت إنْ أُزْحِفَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْهَا، قَالَ: "تَنْحَرُهَا، ثُمَّ تَصْبُغُ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْهَا عَلَى صَفْحَتِهَا، وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِك، أَوْ قَالَ: مِنْ أَهْلِك وَرُفْقَتِك"، انْتَهَى. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: وبعث معه بستة عشر بَدَنَةً، وَهُوَ لَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"، قَالَ النَّوَوِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قَضِيَّتَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: عِوَضَ رَجُلًا، فُلَانًا الْأَسْلَمِيَّ، وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَدِيثَيْنِ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِمَا أَنَّ هَذَا كَانَ فِي الْإِحْصَارِ، وَلَا أَنَّ الْبَعْثَ كَانَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ أَحَدٌ مِنْ شَارِحِي - مُسْلِمٍ - لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"١، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" عَنْ شَرِيكٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ عليه السلام مَعِي بِهَدْيٍ، وَقَالَ: "إذَا عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَانْحَرْهُ، ثُمَّ اضْرِبْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ، ثُمَّ اضْرِبْ صَفْحَتَهُ، وَلَا تَأْكُلْ أَنْتَ وَلَا أَهْلُ رُفْقَتِك، وَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ"، انْتَهَى. وَزَادَ فِيهِ الطَّبَرَانِيُّ: بِهَدْيِ تَطَوُّعٍ، وَفِي لَفْظِ أَحْمَدَ قَالَ: سَأَلْت النَّبِيَّ عليه السلام عَنْ الْهَدْيِ يَعْطَبُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: انْحَرْهُ، إلَى آخِرِهِ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، وَفِجَاجُ مَكَّةَ كُلُّهَا مَنْحَرٌ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

فَحَدِيثُ جَابِرٍ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ ٢ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ"، انْتَهَى. بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَمِثْلُهُ لَفْظُ ابْنِ مَاجَهْ، إلَّا أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، وَلِاخْتِلَافِ لَفْظِهِمَا فَرَّقَهُمَا ابْنُ عَسَاكِرَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ تَرْجَمَةِ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ فِي "أَطْرَافِهِ" فَجَعَلَهُمَا حَدِيثَيْنِ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، وَالصَّوَابُ مَا فَعَلَهُ شَيْخُنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي "أَطْرَافِهِ" فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالشَّيْخُ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ قَلَّدَ ابْنَ عَسَاكِرَ، فَلَمْ يَعْزُهُ فِي "مُخْتَصَرِ السُّنَنِ" لِابْنِ مَاجَهْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً، فِيمَا أَرَى، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ، انْتَهَى. فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ.


١ عند أحمد في " ص ١٨٧ - ج ٤، وقال الهيثمي في "الزوائد" ص ٢٢٨ - ج ٣: رواه أحمد، والطبراني في "الكبير" بنحوه، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ثقة، ولكنه مدلس.
٢ عند أبي داود في "باب الصلاة بجمع" ص ٢٦٨ - ج ١، وعند ابن ماجه في "باب الذبح" ص ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>