للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أَنْ تَسْكُتَ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ١ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ؟ قَالَ:"نَعَمْ"، قُلْت: فَإِنَّ الْبِكْرَ تُسْتَأْمَرُ، فَتَسْتَحِي، فَتَسْكُتُ، قَالَ: "سُكُوتُهَا إذْنُهَا"، انْتَهَى. وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ فِي "الْإِكْرَاهِ"، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: قَالَتْ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجَارِيَةِ يُنْكِحُهَا أَهْلُهَا أَتُسْتَأْمَرُ أَمْ لَا؟ قَالَ: " نَعَمْ تُسْتَأْمَرُ"، قُلْت: فَإِنَّهَا تَسْتَحِي، قَالَ: "ذَلِكَ إذْنُهَا، إذَا هِيَ سَكَتَتْ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ - خَلَا الْبُخَارِيَّ - عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا" انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ٢: "الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا"، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "الثَّيِّبُ تُشَاوَرُ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ قَرِيبًا.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "النِّكَاحُ إلَى الْعَصَبَاتِ"، قُلْت:......... ٣

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ"، قُلْت: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ٤، فَإِنْ


= أن يستثنى من السنة إلا سنة مثلها، فلما ثبت أن أبا بكر الصديق زوج عائشة من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي صغيرة، لا أمر لها، كان ذلك مستثنى منه، انتهى كلامه. وقوله عليه السلام في حديث ابن عباس: "والبكر يستأذنها أبوها"، صريح في أن الأب لا يجبر البكر البالغ، ويدل عليه أيضاً حديث جرير عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت له أن أباها زوجها، وهي كارهة، الحديث، فترك الشافعي منطوق هذه الأدلة واستدل بمفهوم حديث: "الثيب أحق بنفسها"، قال: هذا يدل على أن البكر بخلافها، قال ابن رشد: العموم أولى من المفهوم بلا خلاف، لا سيما وفي حديث مسلم: البكر يستأمرها أبوها، وهو نص في موضع الخلاف، وقال ابن حزم: ما نعلم لمن أجاز على البكر البالغة إنكاح أبيها لها بغير أمرها متعلقاً أصلاً، وذهب ابن جرير أيضاً إلى أن البكر البالغة لا تجبر، وأجاب عن حديث: الأيم أحق بنفسها، بأن الأيم من لا زوج له، رجلاً أو امرأة، بكراً أو ثيباً، لقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ} وكرر ذكر البكر بقوله: والبكر تستأذن، وإذنها صماتها، للفرق بين الاذنين. إذن الثيب، وإذن البكر، ومن أول الأيم، بالثيب أخطأ في تأويله، وخالف سلف الأمة وخلفها في إجازتهم لوالد الصغيرة تزويجها، بكراً كانت، أو ثيباً، من غير خلاف، وفي "التمهيد" ملخصاً، قال أبو حنيفة، وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن حي، وأبو ثور، وأبو عبيد: لا يجوز للأب أن يزوج بنته البالغة بكراً، أو ثيباً إلا بإذنها، والأيم التي لا بعل لها بكراً، أو ثيباً، فحديث: الأيم أحق بنفسها، وحديث: لا تنكح البكر حتى تستأذن، على عمومهما، وخص منهما الصغيرة، لقصة عائشة، انتهى.
١ عند البخاري في "كتاب الاكراه" ص ١٠٢٧ - ج ٢، وعند مسم في "باب استئذان الثيب" ص ٤٥٥ - ج ١.
٢ وفي لفظ لمسلم: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها".
٣ هنا بياض في الأصل الذي بيدنا وفي نسخة الدار أيضاً [البجنوري] .
٤ وعن أم سلمة أن جارية زوجها أبوها، وأرادت أن تزوج رجلا آخر، فأتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكرت ذلك له، فنزعها من الذي زوجها أبوها، وزجها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الذي أرادت، انتهى. قال الهيثمي في "المجمع" ص ٢٨٠: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>