للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا سَمِعَ، وَمَرَّةً رَوَى عَنْهُمَا، قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ مُسْتَفَاضٌ فِي الصَّحَابَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "جَامِعِهِ"١: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ فِي "كِتَابِهِ"، وَأَعَلَّهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ الطَّاحِيِّ، وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْ أَحَادِيثِ الْخُصُومِ: أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ٢ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ "عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ"٣، فَنُسِخَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسٌ، وَصَارَ إلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، انْتَهَى. وَأَحْمَدُ مَعَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الرَّضَاعَ لَا يُحَرِّمُ إلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ فَصَاعِدًا، وَدَلِيلُهُمَا الْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ النِّكَاحِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "لَا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" ٤ عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ"، انْتَهَى. وَقَالَ: لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ غَيْرُ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الْكَامِلِ"، وَلَفْظُهُ: قَالَ: لَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَالْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ يَغْلَطُ عَنْ الثِّقَاتِ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعْرَفُ بِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ مُسْنَدًا، وَغَيْرُ الْهَيْثَمِ يُوقِفُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ" مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَدِيٍّ، وَنَقَلَ كَلَامَهُ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ الْهَيْثَمُ هَذَا، وَقَالَ: وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَالرَّاوِي عَنْ الْهَيْثَمِ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ بُرْدٍ الْأَنْطَاكِيُّ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ":


١ عند الترمذي في "الرضاع - باب ما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان" ص ١٤٨ - ج ١.
٢ عند مسلم "باب الرضاعة" ص ٤٦٩ - ج ١.
٣ في "المعتصر" ص ٢٠٣، فإن قيل: فقد روي عن عائشة أن الخمس رضعات توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهن مما يقرأ من القرآن، فالجواب: أن هذا مما رواه عبد الله بن أبي بكر، وقد خالفه القاسم، ويحيى، وهما أولى بالحفظ منه، لو استوى معهما، فكيف! وهما أعلى مرتبة في العلم والحفظ، مع أنه محال، لأنه يلزم أن يكون بقي من القرآن ما لم يجمعه الراشدون المهديون، ولو جاز ذلك لاحتمل أن يكون ما أثبتوه فيه منسوخاً، وما قصروا عنه ناسخاً، فيرتفع فرض العمل به، ونعوذ بالله من هذا القول وقائليه، مع أن جلة الصحابة على التحريم بقليل الرضاع وكثيره: منهم علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم، انتهى. وراجع "مشكل الآثار" ص ٦ - ج ٣.
٤ عند البيهقي في "السنن" ص ٤٦٢ - ج ٧، والدارقطني في "الرضاع" ص ٤٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>