للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ فِي الرَّجُلِ يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ: لَهَا الْخِيَارُ مَا دَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا، انْتَهَى. وَالْحَجَّاجُ ضَعِيفٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ تَعَلَّقَ بَعْضُ مَنْ يَجْعَلُ لَهَا الْخِيَارَ - وَلَوْ قَامَتْ مِنْ الْمَجْلِسِ - بِحَدِيثِ تَخْيِيرِ عَائِشَةَ، وَهُوَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ": "إنِّي ذَاكِرٌ لَك أَمْرًا، فَلَا عَلَيْك أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْك"، وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُخَيِّرْهَا فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ بِنَفْسِهَا، وَإِنَّمَا خَيَّرَهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَحْدَثَ لَهَا طَلَاقًا، لقوله تعالى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} .

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: لَا، بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَاعْتَبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابًا مِنْهَا، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ١ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي، فَقَالَ: " إنِّي ذَاكِرٌ لَك أَمْرًا، فَلَا عَلَيْك أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك"، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، ثُمَّ قَالَ: " إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِك إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} إلَى قَوْلِهِ: {أَجْرًا عَظِيمًا} فَقُلْت: فَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟! فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْت، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَرَوَى الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ" عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاخْتَرْنَاهُ، فَلَمْ يَعْدُدْهُ عَلَيْنَا شَيْئًا، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ طَلَاقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


١ عند مسلم "باب بيان أن تخييره المرأة لا يكون طلاقاً" ص ٤٧٩ - ج ١، وعند البخاري في "الطلاق - باب من خير نساءه" ص ٧٩٢ - ج ٢، وفي تفسير "سورة الأحزاب" ص ٧٠٥ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>