فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْت"، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ فِي "الطَّلَاقِ" هَكَذَا، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي "الْأَحْكَامِ" مُخْتَصَرًا، بِدُونِ الْقِصَّةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَأَبُو مَيْمُونَةَ اسْمُهُ سُلَيْمٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، بِلَفْظِ التِّرْمِذِيِّ، وَزَادَ فِيهِ: وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ - فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ" بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيهِ هِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ، سَلْمَى - مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - رَجُلِ صِدْقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو مَيْمُونَةَ هَذَا لَيْسَ مَجْهُولًا، فَقَدْ كَنَّاهُ هِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ بِأَبِي مَيْمُونَةَ، وَسَمَّاهُ سَلْمَى، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ رَجُلُ صِدْقٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي الرَّاوِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَأَيْضًا فَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ الْمَذْكُورِ أَبُو النَّضْرِ، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ: وَرَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ نَفْسَهُ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُسْنَدِهِ" حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ ابْنَهَا، فَقَالَ عليه السلام: اسْتَهِمَا فِيهِ، فَقَالَ عليه السلام لِلْغُلَامِ: "تَخَيَّرْ أَيَّهُمَا شِئْت"، قَالَ: فَاخْتَارَ أُمَّهُ، فَذَهَبَتْ بِهِ، انْتَهَى. قَالَ: فَجَاءَ مِنْ هَذَا جَوْدَةُ الْحَدِيثِ وَصِحَّتُهُ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُخَيِّرُوا، قُلْت: تَقَدَّمَ قَرِيبًا لِمَالِكٍ، وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ دَفَعَ الْغُلَامَ لِأُمِّهِ لَمَّا اخْتَصَمَ فِيهِ عُمَرُ، وَأُمُّهُ، وَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تُولَهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا"، وَقَدْ وَرَدَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ يَقُولُ: اخْتَصَمَ أَبٌ وَأُمٌّ فِي ابْنٍ لَهُمَا إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَخَيَّرَهُ، فَاخْتَارَ أُمَّهُ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ، انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "اللَّهُمَّ اهْدِهِ"، فَوُفِّقَ لِاخْتِيَارِ الْأَنْظَرِ بِدُعَائِهِ عليه السلام، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "الطَّلَاقِ"، وَالنَّسَائِيُّ ١ فِي "الْفَرَائِضِ" عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ، أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَجَاءَ بِابْنٍ لَهُمَا صَغِيرٍ لَمْ يَبْلُغْ، فَأَجْلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأب ههنا، والأم ههنا، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ اهْدِهِ"، فَذَهَبَ إلَى أَبِيهِ، انْتَهَى.
١ عند أبي داود "باب إذا أسلم أحد الأبوين لمن يكون الولد" ص ٣٠٥، وفي "الدراية" في رواية النسائي "فجاء ابن لهما.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute