للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يسخن له ماءاً فِي قُمْقُمَةٍ ثُمَّ يَغْتَسِلُ بِهِ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَفِيهِ رَجُلَانِ تَكَلَّمَ فِيهِمَا: أَحَدُهُمَا: عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، فَمِمَّنْ وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ، وَمِمَّنْ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُد. وَغَيْرُهُ، وقال الخطيب: تكلكوا فِيهِ لِمَذْهَبِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ غالياً في التشييع. وَالْآخَرُ: هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، فَهُوَ وَإِنْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فَقَدْ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيّ، وَعَنْ ابْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ ذَكَرَهُ، فَلَمْ يَرْضَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ بِمُحْكِمٍ لِلْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: فِي الْكِتَابِ: لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُغَسَّلُ بِالْمَاءِ الَّذِي أُغْلِيَ فِيهِ السِّدْرُ، بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ١ قُلْت: غَرِيبٌ، وَلَمْ يُحْسِنْ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ، إذ استشهد لهذا الحديث الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، وَفِيهِ: فَقَالَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاَلَّذِي قَلَّدَهُ الشَّيْخُ اعْتَذَرَ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ: ليس فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَاءَ أُغْلِيَ بِالسِّدْرِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي ذِكْرِهِ؟ قَوْلُهُ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ ما لم يتغير طعمه أَوْصَافُهُ، لِمَا رَوَيْنَا، قُلْت: يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ. أَوْ طَعْمَهُ. أَوْ رِيحَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا٢.

وَمِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ مَالِكٌ، حَدِيثُ الْمُسْتَيْقِظِ، رَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَغْمِسَ يده في الإناء عندهم التَّوَهُّمِ، فَأَوْلَى عِنْدَ التَّحْقِيقِ، وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا، رَوَاهُ مُسْلِمٌ٣ هَكَذَا بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ٤ بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، وَأَنْ يُغْتَسَلَ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد٥. وَابْنُ مَاجَهْ٦ كَذَلِكَ، وَلَفْظُهُمَا: لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلَا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ، انْتَهَى٧.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا"، قُلْت: رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ٨ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ، وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ، قَالَ: "إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْهُ، وَأَعَادَهُ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَلَفْظُهُ: لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ٩ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ


١ ظني أنه لم يرد بها سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل الطريق المتوارث، والله أعلم.
٢ أي ص ٤٩.
٣ ص ١٣٨، وكذا ابن ماجه ص ٤٥.
٤ ص ٢٣٨.
٥ في باب البول في الماء الراكد ص ١١.
٦ ص ٢٩.
٧ ولفظه: ولا يغتسل فيه من الجنابة ليست في رواية ابن ماجه.
٨ النسائي في باب التوقيت في الماء ص ١٩، وأبو داود في باب ما ينجس الماء، ص ١٠، والترمذي في باب أن الماء لا ينجسه شيء ص ١١، وابن ماجه في باب مقدار الماء الذي لا ينجس ص ٣٩.
٩ ص ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>