بْنُ عُثْمَانَ الْجُمَحِيُّ ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام اسْتَفْسَرَ مَاعِزًا عَنْ الْكَيْفِيَّةِ وَالْمَزْنِيَّةِ، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد ١ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ قَالَ: كَانَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي، فَأَصَابَ جَارِيَةً مِنْ الْحَيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ مَا صَنَعْت، لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ لَك، قَالَ: فَأَتَاهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلَى آخِرِهِ، إنَّ مَاعِزًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت، فَأَقِمْ عَلِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَعَادَ حَتَّى قَالَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ عليه السلام: "إنَّك قَدْ قُلْتهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَبِمَنْ؟ " قَالَ: بِفُلَانَةَ، قَالَ: "هَلْ ضَاجَعْتهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "هَلْ بَاشَرْتهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "هَلْ جَامَعْتهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَأُخْرِجَ إلَى الْحَرَّةِ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ، خَرَجَ يَشْتَدُّ، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٌ، وَقَدْ عَجَزَ أَصْحَابُهُ، فَنَزَعَ لَهُ بِوَظِيفِ بَعِيرٍ، فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ. ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ؟! "، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَرَوَى حَدِيثَ مَاعِزٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ فِيهِ: فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ فَرُجِمَ، فَلَمْ يُقْتَلْ حَتَّى رَمَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِلِحَى بَعِيرٍ، فَقَتَلَهُ، فَأَصَابَ رَأْسَهُ، الْحَدِيثَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: فِي الِاسْتِفْسَارِ عَنْ الْكَيْفِيَّةِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الصَّامِتِ ابْنِ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ الْأَسْلَمِيُّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَةً حَرَامًا، أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ فَأَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ، فَقَالَ: "أَنِكْتَهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْك، فِي ذَلِكَ مِنْهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، "كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ، والرشاد فِي الْبِئْرِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْت مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ حَلَالًا، قَالَ: "فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ " قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اُنْظُرْ إلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ، فَسَكَتَ عَنْهُمَا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: "أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ " فَقَالَا: نَحْنُ ذَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "انْزِلَا فَكُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ"، قَالَا: وَمَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: "فَمَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا
١ عند أبي داود في "الحدود - باب في الرجم" ص ٢٥٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute