للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ وَرَدَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ رَدَّهُ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ رَدَّهُ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ مَرَّتَيْنِ، وَاخْتَصَرَ الرَّاوِي مِنْهَا مَرَّتَيْنِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد١، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ فَاعْتَرَفَ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ، ثُمَّ قَالَ: رُدُّوهُ، فَاعْتَرَفَ مَرَّتَيْنِ، حَتَّى اعْتَرَفَ أَرْبَعًا، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ، فَارْجُمُوهُ، انْتَهَى. فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْمَرَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي "الصَّحِيحِ" هُمَا مِنْ الْأَرْبَعِ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الثَّلَاثِ، أَيْ مَعَهَا رَابِعَةٌ، وَتَتَّفِقُ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام طَرَدَ مَاعِزًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى تَوَارَى عَلَيْهِ بِحِيطَانِ الْمَدِينَةِ، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَبِمَعْنَاهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إنَّ الْأَبْعَدَ زَنَى، فَقَالَ لَهُ: " وَيْلَك، وَمَا يُدْرِيكَ مَا الزِّنَا؟ " فَأَمَرَ بِهِ، فَطُرِدَ، وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَطُرِدَ، وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَطُرِدَ، وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الرَّابِعَةَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: " أَدْخَلْت وَأَخْرَجْت؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، مُخْتَصَرٌ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ: قَالَ عليه السلام لِمَاعِزٍ: " لَعَلَّك مَسَسْتَهَا، أَوْ قَبَّلْتهَا؟ "، قُلْت: رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" ٢ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْعَدَنِيِّ ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَاعِزًا أَتَى إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُ: إنِّي أَصَبْت فَاحِشَةً، فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتَغْفِرَ لَك، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ: "لَعَلَّك قَبَّلْتهَا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: "فَمَسَسْتهَا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: "فَفَعَلْت بِهَا كَذَا، أَوْ لَمْ تَكُنْ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ"، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ" فَقَالَ: وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ ضَعَّفُوهُ، انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ ٣ بِلَفْظِ: "لَعَلَّك قَبَّلْت، أَوْ غَمَزْت، أَوْ نَظَرْت؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: "أَفَنِكْتَهَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ، انْتَهَى. وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي "مُسْنَدِهِ": " لَعَلَّك قَبَّلْت، أَوْ لَمَسْت، أَوْ نَظَرْت"، الْحَدِيثَ.


١ عند أبي داود في "الحدود - باب الرجم" ص ٢٥١ - ج ٢.
٢ في "الحدود - باب ادرأوا الحدود ما استطعتم" ص ٣٦١ - ج ٤.
٣ في "كتاب المحاربين - باب هل يقول الامام للمقر: لعلك لمست، أو غمزت" ص ١٠٠٨ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>