للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي إنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُك وَجَارِيَتُك فَرَدٌّ إلَيْك، وَعَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا"، قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا فَرُجِمَتْ، انْتَهَى.

وَحَدِيثُ مَاعِزٍ: تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَفِيهِ الرَّجْمُ، وَلَيْسَ فِيهِ الْجَلْدُ، حَتَّى إنَّ الْأُصُولِيِّينَ اسْتَدَلُّوا عَلَى تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ بِأَنَّهُ عليه السلام رَجَمَ مَاعِزًا، وَلَمْ يَجْلِدْهُ، لِأَنَّ آيَةَ الْجَلْدِ شَامِلَةٌ لِلْمُحْصَنِ، وَغَيْرِهِ.

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ١ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ"، انْتَهَى.

وَحَدِيثُ شُرَاحَةَ: تَقَدَّمَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ، وَأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ جَلَدَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: جَلَدْتهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَدِيثُ فِي "الْبُخَارِيِّ" لَيْسَ فِيهِ الْجَلْدُ، وَلَفْظُهُ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ ٢ حِينَ رَجَمَ الْمَرْأَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: رَجَمْتهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي "كِتَابِهِ" ٣ رَوَى حَدِيثَ مَاعِزٍ جَمَاعَةٌ: كَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَنَفَرٌ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُمْ، وَحَدِيثُ عُبَادَةَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَبَيْنَ الزَّمَانَيْنِ مُدَّةٌ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ": ذَهَبَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ: إنَّ الثَّيِّبَ عَلَيْهِ الرَّجْمُ دُونَ الْجَلْدِ، وَرَأَوْا حَدِيثَ عُبَادَةَ مَنْسُوخًا، وَتَمَسَّكُوا بِأَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ: مِنْهَا حَدِيثُ الْعَسِيفِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَغَدَا عَلَيْهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا، فَهَذَا الْحَدِيثُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ، لِأَنَّ رَاوِيَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْجَلْدِ فِيهِ بِذِكْرٍ، انْتَهَى. الثَّانِي: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ بِإِحْصَانِهِ، فَجَلَدَهُ، ثُمَّ عَلِمَ بِإِحْصَانِهِ فَرَجَمَهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ


١ عند مسلم "باب حد الزنا" ص ٦٥ - ج ٢.
٢ عند البخاري في "كتاب المحاربين - باب رجم المحصن" ص ١٠٠٦ - ج ٢.
٣ ذكره الحازمي في "الناسخ والمنسوخ - باب جلد المحصن قبل الرجم" ص ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>