للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ"، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْمُسَاوِرِ ثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: أملا عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ مِنْ حِفْظِهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ، وَلَا مُخْتَلِسٍ، وَلَا خَائِنٍ قَطْعٌ"، انْتَهَى. وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ إلَّا يُونُسُ، وَلَا عَنْ يُونُسَ إلَّا ابْنُ وَهْبٍ، تَفَرَّدَ بِهِ، أَبُو مَعْمَرٍ، انْتَهَى. وَاسْتُشْكِلَ حَدِيثُ الْمَخْزُومِيَّةِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ١ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، كَانَتْ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ، تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ، وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ ٢ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ: أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا، وَأَخْرَجَهُ السِّتَّةُ ٣ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ ٤ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَفْظُ الْعَارِيَّةِ لَيْسَتْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ"، وَقَالَ فِي "أَحْكَامِهِ": قَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي قِصَّةِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا: سَرَقَتْ أَكْثَرُ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا: اسْتَعَارَتْ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ٥ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ سَرَقَتْ، فَأُتِيَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَاذَتْ بِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عليه السلام: "لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا"، فَقُطِعَتْ، انْتَهَى. وَأَخَذَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ الْعَارِيَّةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ، لِأَنَّهُ خَائِنٌ، وَالْخَائِنُ من يؤتمن على شيء، فيخون به، فَسَقَطَ الْقَطْعُ، لِأَنَّ صَاحِبَهُ أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ بِإِتْمَامِهِ، وَأَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعَارِيَّةِ وَقَعَ فِيهِ لِقَصْدِ التَّعْرِيفِ، لَا أَنَّهُ سَبَبُ الْقَطْعِ، بِدَلِيلِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي صُرِّحَ فِيهَا بِالسَّرِقَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْمَرَ بْنَ رَاشِدٍ تَفَرَّدَ بِذِكْرِ الْعَارِيَّةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الرُّوَاةِ، وَأَنَّ اللَّيْثَ رَاوِيَ السَّرِقَةِ تابعه عليه جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: يُونُسُ


١ عند مسلم في "السرقة - باب قطع السارق الشريف وغيره" ص ٦٤ - ج ٢.
٢ عند مسلم في "السرقة" ص ٦٤ - ج ٢، وعند البخاري في "باب شهادة القاذف" ص ٣٦١ - ج ١، وفي "المغازي - في غزوة الفتح" ص ٦١٦ - ج ٢.
٣ عند مسلم في "السرقة" ص ٦٤ - ج ٢، وعند البخاري في "الحدود - باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان" ص ١٠٠٣ - ج ٢، وعند الترمذي في "الحدود - باب ما جاء في كراهية أن يشفع في الحدود" ص ١٨٤ - ج ١، وعند ابن ماجه في "الحدود - باب الشفاعة في الحدود" ص ١٨٦، وعند أبي داود "باب في الحد يشفع فيه" ص ٢٤٥ - ج ٢.
٤ عند النسائي عن الزهري، بطرق مذكورة في "باب ما يكون حرزاً وما لا يكون" ص ٢٥٥، وص ٢٥٦ - ج ٢.
٥ عند مسلم في "الحدود" ص ٦٥ - ج ٢، وعند النسائي: ص ٢٥٥ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>