للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَيْنَبَ بِنْتِ الْحَارِثِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَوْضِعٍ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ، فَخَنْدَقَ فِيهِ خَنْدَقًا، ثُمَّ بَعَثَ إلَيْهِمْ فَكَانَ يُؤْتَى بِهِمْ أَرْسَالًا، فَتُضْرَبُ أَعْنَاقُهُمْ فِي ذَلِكَ الْخَنْدَقِ، وَالْمُكَثِّرُ لَهُمْ يَقُولُ: مَا بَيْنَ الثَّمَانِمِائَةِ وَالتِّسْعِمِائَةِ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي "مَرَاسِيلِهِ" عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَةً مِنْ قُرَيْشٍ صَبْرًا: الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ، وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي "كِتَابِ الْأَمْوَالِ"، وَقَالَ: هَكَذَا يَقُولُ هُشَيْمِ: الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ، وَهُوَ أَخُو الْمُطْعِمِ، وَأَهْلُ الْمَغَازِي يُنْكِرُونَ قَتْلَ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ يَوْمَئِذٍ، وَيَقُولُونَ: مَاتَ بِمَكَّةَ قَبْلَ بَدْرٍ، وَاَلَّذِي قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَخُو طُعَيْمَةَ، وَلَمْ يُقْتَلْ صَبْرًا، وَإِنَّمَا قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ، ويصدق هذا الحديث الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ حِينَ كَلَّمَهُ فِي الْأُسَارَى: "شَيْخٌ لَوْ كَانَ أَتَانَا شَفَّعْنَاهُ" - يَعْنِي أَبَاهُ مُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ - فَكَيْفَ يَكُونُ مَقْتُولًا يَوْمَئِذٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِيهِ ذَلِكَ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَفِي "السِّيَرِ الْكَبِيرِ" أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ - يَعْنِي فِدَاءَ أسرى المشركين بمال يأخذ مِنْهُمْ - إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ، اسْتِدْلَالًا بِأُسَارَى بَدْرٍ، قُلْت: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ١ عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْرِكِينَ، وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَثُمِائَةٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، إلَى أَنْ قَالَ: فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: " مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً، فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أرى أن نضرب أَعْنَاقُهُمْ، فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوِ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ وَجَدَ عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا يَبْكِي، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: "أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُك مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} إلَى قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا} فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ، مُخْتَصَرٌ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد٢، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حَبِيبٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعَمِائَةٍ، انْتَهَى. قَالَ فِي "التَّنْقِيحِ": وَرَوَاهُ أَبُو بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيُّ عَنْ شُعْبَةَ، وَأَبُو الْعَنْبَسِ هَذَا هُوَ الْأَكْثَرُ، لَا يُسَمَّى، انْتَهَى.


١ عند مسلم في "الجهاد" ص ٩٣ - ج ٢.
٢ عند أبي داود في "المغازي - باب في فداء الأسير بالمال" ص ١٠ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>