للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَبِيًّا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا، وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً، وَلَا بَقَرَةً، إلَّا لِمَأْكَلَةٍ، وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلَا تُغَرِّقَنَّ نَخْلًا، وَلَا تُحَرِّقَنَّهُ، وَلَا تَجْبُنْ١، وَلَا تَغْلُلْ، انْتَهَى. وَهُوَ فِي "مُوَطَّإِ مَالِكٍ ٢ - فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ"، وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعَثَ جُيُوشًا، إلَى آخِرِهِ.

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ التَّحْرِيقِ، قَبْلَ الذَّبْحِ، فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، قُلْت: فِيهِ أَحَادِيثُ: فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ، فَقَالَ لَنَا: " إنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَأَحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ"، فَلَمَّا خَرَجْنَا دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَاقْتُلُوهُمَا وَلَا تَحْرِقُوهُمَا، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إلَّا اللَّهُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَسَمَّى الرَّجُلَيْنِ، فَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ: "إنْ وَجَدْتُمْ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ. وَنَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْقَيْسِ، فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ"، قَالَ: وَكَانَا قَدْ نَخَسَا بِزَيْنَبِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَتْ مِنْ مَكَّةَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَزَلْ ضَنِيَّةً حَتَّى مَاتَتْ، فَلَمَّا خَرَجْنَا دَعَانَا، الْحَدِيثَ، وَطَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ"، وَفِيهِ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ خَرَجَتْ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ تُرِيدُ أَنْ تَلْحَقَ بِأَبِيهَا مُخْتَفِيَةً، فَأَدْرَكَهَا هَبَّارُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَنَافِعُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ، فَرَوَّعَاهَا بِالرُّمْحِ، وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا حَتَّى صَرَعَاهَا، وَأَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، وَأُهْرِيقَتْ دَمًا، وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْعَاصِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ" طَوَّلَهُ، وَقَالَ فِيهِ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَتَلَ أَخَوَيْ هَبَّارِ بْنِ الْأَسْوَدِ يَوْمَ بَدْرٍ، زَمْعَةَ، وَعَقِيلَ ابْنَيْ الْأَسْوَدِ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا ٣ فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ أَنَّ عَلِيًّا أَتَى بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَوْ كُنْت أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ، لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ"، وَلَقَتَلَتْهُمْ، لِقَوْلِهِ عليه السلام: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد ٤ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَى حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتْ الْحُمَّرَةُ، فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا، رُدُّوهُ عَلَيْهَا"، وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا، فَقَالَ: "مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟ " قُلْنَا: نَحْنُ، قَالَ: "إنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ"، انْتَهَى. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ، وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ عَنْهُ فِي "جَامِعِهِ".


١ وفي - نسخة [س]- "ولا تخن".
٢ عند مالك في "الموطأ - باب النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو" ص ١٦٧.
٣ عند البخاري في "كتاب استتابة المرتدين - باب حكم المرتد والمرتدة" ص ١٠٢٣ - ج ٢.
٤ عند أبي داود في "المغازي - باب في كراهية حرق العدو بالنار" ص ٧ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>