للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا"، قَالَ: فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَانُ، وَلَزِمَ الْمَشْيَخَةُ الرَّايَاتِ، فَلَمْ يَبْرَحُوهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، قَالَ الْمَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءً لَكُمْ لَوْ انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتُمْ إلَيْنَا، فَلَا تَذْهَبُوا بِالْمَغْنَمِ، وَنَبْقَى، وَأَبَى الْفِتْيَانُ، وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ} إلَى قَوْلِهِ: {وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} ، انْتَهَى. وَقَالَ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ"١: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" إلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ، انْتَهَى. قُلْت: وَرَدَ أَنَّهُ عليه السلام قَالَهُ يَوْمَ بَدْرٍ أَيْضًا، لَكِنَّهُ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ، رَوَاهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي "تَفْسِيرِهِ - فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ"، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ثَنَا آدَم ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَجَاءَ أَبُو الْيُسْرِ بِأَسِيرَيْنِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا وَاَللَّهِ مَا كَانَ بِنَا جُبْنٌ عَنْ الْعَدُوِّ، وَلَا ضِنٌّ بِالْحَيَاةِ أَنْ نَصْنَعَ مَا صَنَعَ إخْوَانُنَا، وَلَكِنَّا رَأَيْنَاك قَدْ أَفْرَدْت، فَكَرِهْنَا أَنْ نَدَعَك بِمَضْيَعَةٍ، قَالَ: فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوَزِّعُوا تِلْكَ الْغَنَائِمَ بَيْنَهُمْ، انْتَهَى.

طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ فِي "كِتَابِ الْمَغَازِي" حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَأَلْت مُوسَى بْنَ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، كَيْفَ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْأَسْرَى، وَالْأَسْلَابِ، وَالْأَنْفَالِ؟ فَقَالَ: نَادَى مُنَادِيهِ يَوْمَئِذٍ، "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ"، فَكَانَ يُعْطِي مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا سَلَبَهُ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمُرِيُّ فِي "سِيرَتِهِ عُيُونِ الْأَثَرِ - فِي بَابِ قِصَّةِ بَدْرٍ": وَالْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ عليه السلام: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" إنَّمَا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَأَمَّا يَوْمَ بَدْرٍ فَوَقَعَ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، ثُمَّ سَاقَهُ بِسَنَدِهِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، قَالَ: وَالْكَلْبِيُّ ضَعِيفٌ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَخْصُوصَةٌ بِمَزِيدِ ضَعْفٍ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ عليه السلام لِحَبِيبِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: "لَيْسَ لَك مِنْ سَلَبِ قَتِيلِك إلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِك"، قُلْت: هَكَذَا وَقَعَ فِي "الْهِدَايَةِ" حَبِيبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَصَوَابُهُ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةً، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الكبير ٢ - والوسط" حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، قَالُوا: ثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ


١ ذكره مالك في "الموطأ - في الجهاد - باب ما جاء في السلب في النفل" ص ١٧١.
٢ قال الهيثمي ص ٣٣١ - ج ٥: رواه الطبراني في "الكبير والأوسط" وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>