للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طُرُقٌ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ مُسْنَدَةٌ: قَالَ الطبراني في معجمه الوسيط: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ وَاسِعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ أَنَّهُ كَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَجِدُ لَكُمْ أَوْسَعَ مِمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ إنَّهُ كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ. فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُهْدَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِيمَا اشْتَرَى، فَإِنْ رَضِيَ أَخَذَ، وَإِنْ سَخِطَ تَرَكَ، انْتَهَى. وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ١ كَذَلِكَ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ بِهِ، وَتُلْحَقُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِالْأُولَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ٢ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ، لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْخِيَارِ، أَخْرَجُوهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، وَكَانَ يُبَايِعُ، وَأَنَّ أَهْلَهُ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اُحْجُرْ عَلَيْهِ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله لا أصبر عن الْبَيْعِ، فَقَالَ: "إذَا بَايَعْتَ، فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَعِيرًا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْعَ، وَقَالَ: "الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ"، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَعَلَّهُ بِأَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَقَالَ: إنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ٣ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ ثَنَا أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ ثَنَا نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ"، انْتَهَى. وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ إنْ كَانَ هُوَ الْحَرَّانِيِّ الْغَنَوِيُّ، فَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ لِأَصْحَابِنَا فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا، ثُمَّ بِحَدِيثِ حِبَّانَ الْمُتَقَدِّمِ، وَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِأَنَّ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَعَنْ حَدِيثِ حِبَّانَ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ، قَالَ: ثُمَّ التَّقْدِيرُ بِالثَّلَاثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، لِأَنَّ النَّظَرَ يَحْصُلُ فِيهَا غَالِبًا، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، كَمَا قُدِّرَتْ حِجَارَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالثَّلَاثِ، ثُمَّ تَجِبُ الزِّيَادَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَجَازَ الْخِيَارَ إلَى شَهْرَيْنِ، قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا.


١ عند الدارقطني في البيوع ص ٣١٢ ج ٢.
٢ عند الترمذي في البيوع باب ما جاء فيمن يخدع في البيوع ص ١٦٢ ج ١، وعند أبي داود في البيوع باب في الرجل يقول عند البيع: لا خلابة ص ١٣٨ ج ٢.
٣ عند الدارقطني: ص ٣٢ ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>