للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّك إنْ خَرَجْتَ مِنْهَا لَمْ تَرَنِي وَلَمْ أَرَكَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، هَلْ مَعَكَ مِنْ وَضُوءٍ؟ " قُلْتُ: لَا، قَالَ: "فما في أدواتك؟ " قُلْتُ: نَبِيذٌ، قَالَ: "تَمْرَةٌ حُلْوَةٌ وَمَاءٌ طَيِّبٌ"، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَامَ إلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ الْجِنِّ فَسَأَلَاهُ الْمَتَاعَ، قَالَ: "أَلَمْ آمُرْ لكما آمر لَكُمَا وَلِقَوْمِكُمَا بِمَا يُصْلِحُكُمَا؟ " قَالَا: بَلَى، وَلَكِنَّا أَحْبَبْنَا أَنْ يَحْضُرَ بَعْضُنَا مَعَكَ. قَالَ: "مِمَّنْ أَنْتُمَا؟ " قَالَا: مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ، قَالَ: "قَدْ أَفْلَحَ هَذَانِ وَقَوْمُهُمَا"، وَأَمَرَ لَهُمَا بِالطَّعَامِ وَالرَّجِيعِ، وَنَهَانَا أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثٍ، انْتَهَى. وَهَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ١ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ فَقْدِهِمْ إيَّاهُ، حَتَّى قِيلَ: اُغْتِيلَ. وَاسْتُطِيرَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنْ فَقَدَهُ غَيْرَ الَّذِي عَلِمَ بِخُرُوجِهِ، ثُمَّ أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ٢ إلَى مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: اسْتَتْبَعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "إنَّ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ، خَمْسَةَ عَشَرَ: بَنِي إخْوَةٍ. وَبَنِي عَمٍّ يَأْتُونِي اللَّيْلَةَ، فَأَقْرَأُ عَلَيْهِمْ القرآن"، فانطلقت معه إذا الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ، فَخَطَّ لِي خَطًّا وَأَجْلَسَنِي فِيهِ، وَقَالَ لِي: "لَا تَخْرُجْ مِنْ هَذَا"، فَبِتُّ فِيهِ حَتَّى أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ السَّحَرِ، وَفِي يَدِهِ عَظْمٌ حَائِلٌ. وَرَوْثَةٌ. وَحُمَمَةٌ، فَقَالَ لِي: "إذَا ذَهَبْتَ إلَى الْخَلَاءِ فَلَا تَسْتَنْجِ بِشَيْءٍ مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قُلْتُ: لَأُعَلِّمَنَّ عِلْمِي، حَيْثُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَرَأَيْتُ مَبْرَكَ سِتِّينَ بَعِيرًا، انْتَهَى. ثُمَّ أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ إلَى أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَبْصَرَ زُطًّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ، فَقَالُوا: هَؤُلَاءِ الزُّطُّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَبَهَهُمْ إلَّا الْجِنَّ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَكَانُوا مُسْتَفَزِّينَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، انْتَهَى. وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ شَهِدَ لَيْلَةَ الْجِنِّ تَعْلِيقًا، فَرَوَى فِي بَابِ كَرَامَةِ مَا يُسْتَنْجَى بِهِ مِنْ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلَا بِالْعِظَامِ، فَإِنَّهُ زَادُ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ"، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ. وَغَيْرُهُ عَنْ دَاوُد بْنِ


١ رواه أحمد في مسنده ص ٤٥٨ - ج ١ حدثنا يعقوب ثنا أبي عن أبي إسحاق، قال حدثني أبو عميس عتبة بن عبد الملك بن عتبة بن عبد الله بن مسعود عن أبي فزارة الحديث بطوله.
٢ قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو نصر بن قتادة، قال: أخبرنا أبو محمد يحيى بن منصور القاضي حدثنا أبو عبد الملك محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثنا روح بن صلاح حدثنا موسى بن علي بن رباح عن أبيه، كذا في ابن كثير ص ٤٨٠ - ج ٢، قلت: رجال الإسناد: علي بن رباح الراوي عن ابن مسعود ثقة، وابنه موسى بن علي بن رباح صدوق، ربما أخطأ، وروح بن الصلاح المصري من رجال اللسان. ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحاكم: ثقة مأمون، وضعفه ابن عدي، وقال: له أحاديث كثيرة في بعضها نكرة، وقال الدارقطني: ضعيف الحديث، ومحمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي ثقة حافظ فقيه شافعي من رجال التذكرة والتهذيب وأبو محمد يحيى بن منصور القاضي النيسابوري روى عن علي بن عبد العزيز البغوي، وأحمد بن سلمة وطبقتهما، مات سنة ٣٥١، وأبو نصر بن قتادة، فانظر له شذرات الذهب ص ٩ - ج ٣، وذكره ابن السبكي ص ٣٢١ - ج ٢، وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن محمد بن موسى النيسابوري الصوفي من رجال اللسان والتذكرة ضعيف، وقال ابن السبكي في طبقاته ص ٦١ - ج ٣: أبو عبد الرحمن ثقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>