للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ فِي مُسْنَدِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. وَلَمْ يَعْزُهُ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ، مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ إلَّا لِلِاسْتِيعَابِ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّ خُبَيْبًا رضي الله عنه صَبَرَ عَلَى الإكراه حَتَّى صُلِبَ، وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ، وَقَالَ فِيهِ: "هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَقَتْلُ خُبَيْبِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ١ فِي مَوَاضِعَ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ صُلِبَ، وَلَا أَنَّهُ أُكْرِهَ، وَلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ، وَلَا قَالَ فِيهِ: هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ، أَخْرَجَهُ فِي الْجِهَادِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إذَا كَانُوا بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ، ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ: يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلُوهُ، فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يثرب، فتبعوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ، فَلَمَّا انتهى عاصم، وأصحابه لجأوا إلَى فَدْفَدٍ، وَجَاءَ الْقَوْمُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ، فَقَالُوا: لَكُمْ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ إنْ نَزَلْتُمْ إلَيْنَا أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلًا، قَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّك، فَقَاتَلُوهُمْ فَرَمَوْهُمْ، حَتَّى قَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ بِالنَّبْلِ، وَبَقِيَ خُبَيْبِ، وَزَيْدُ بْنُ الدِّثْنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَأَعْطَوْهُمْ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، فَنَزَلُوا إلَيْهِمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُمَا: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، فأبى أن يصحبهم، فجروه، وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ، وَزَيْدٍ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ، فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ خُبَيْبِ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى إذَا أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ اسْتَعَارَ مُوسًى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ لِيَسْتَحِدَّ بِهَا، فَأَعَارَتْهُ، قَالَتْ: فَغَفَلْت عَنْ صَبِيٍّ لِي قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ، حَتَّى أَتَاهُ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، فَلَمَّا رَأَيْته فَزِعْت فَزْعَةً عَرَفَ ذَلِكَ مِنِّي، وَفِي يَدِهِ الْمُوسَى، فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟، مَا كُنْت لِأَفْعَلَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَانَتْ تَقُولُ: مَا رَأَيْت أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبِ، لَقَدْ رَأَيْته يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ، وَمَا بِمَكَّةَ يومئذ تمرة، وَإِنَّهُ لَمُوَثَّقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا كَانَ إلَّا رِزْقًا رَزَقَهُ اللَّهُ، فَخَرَجُوا بِهِ مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِمْ، فَقَالَ:


١ قلت: هذا الحديث، عند البخاري في الجهاد باب هل يستأسر الرجل، ومن لم يستأسره، ومن ركع ركعتين عند القتل ص ٤٢٧ ج ١، وفي المغازي في باب بعد باب فضل من شهد بدراً ص ٥٦٨ ج ٢، وفي غزوة الرجيع ص ٥٨٥ ج ٢، ولفظ التخريج، عند البخاري في غزوة الرجيع وأخرج الحديث في التوحيد أيضاً باب ما يذكر في الذات والنعوت والأسامي ص ١١٠٠ ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>