للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، بِأَنَّ لَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ مَرَّتَيْنِ: فَفِي أَوَّلِ مَرَّةٍ خَرَجَ إلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلَا غَيْرُهُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ مُسْلِمٍ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ في تفسيره من أَوَّلِ سُورَةِ الْجِنِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا الْجِنُّ الَّذِينَ لَقُوهُ بِنَخْلَةٍ، فَمِنْ نِينَوَى، وَأَمَّا الْجِنُّ الَّذِينَ لَقُوهُ بمكة فمن نَصِيبِينَ، وَتَأَوَّلَ الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ مُسْلِمٍ، قَالَ: إنَّهُ يَقُولُ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، عَلَى غَيْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ بِخُرُوجِهِ عليه السلام إلَى الْجِنِّ، قَالَ: وَهُوَ مُحْتَمِلٌ عَلَى بُعْدٍ، قَالَ: وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ١ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتْبَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِدَاوَةٍ لِوُضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَأَدْرَكَهُ يَوْمًا، فَقَالَ: " مَنْ هَذَا؟ " قَالَ أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: "ائْتِنِي بِأَحْجَارٍ أَسْتَنْجِي بِهَا، وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا رَوْثَةٍ"، فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ فِي ثَوْبِي فَوَضَعْتُهَا إلَى جَنْبِهِ، حَتَّى إذَا فَرَغَ وَقَامَ اتَّبَعْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ، قَالَ: "أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ فَسَأَلُونِي الزَّادَ فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِرَوْثَةٍ وَلَا عَظْمٍ إلَّا وَجَدُوا طَعَامًا"، انْتَهَى. قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ وَفَدُوا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى وِفَادَتِهِمْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ٢ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد المصيصي ثنا أبو معاوية الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ ثَنَا معاوية


= عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو عثمان بن سنة الخزاعي - وكان رجلاً من أهل الشام - أنه سمع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه، وهو بمكة: "من أحب منكم أن يحضر الليلة أمر الجن فليفعل"، فلم يحضر منهم أحد غيري، الحديث. قلت: هذا الحديث، وإن لم يصححه الحاكم - لأجل أبي عثمان بن سنة، وزعم أنه مجهول - لكن صححه الذهبي، وقال: قلت: هو صحيح عند جماعة، اهـ. وقال الحافظ في التقريب أبو عثمان بن سنة مقبول، من الثانية.
١ هذا الحديث أخرجه البيهقي في سننه الكبرى ص ١٠٧ - ج ١ من طريق سويد بن سعيد عن عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو عن جده بهذا السياق، مع سؤال أبي هريرة، وذكر الجن، وأخرجه البخاري في الطهارة ص ٢٧ - ج ١، مختصراً من طريق أحمد بن محمد المكي عن عمرو بن يحيى، وهو الذي يشير إليه البيهقي في سننه ص ١٠٨ - ج ١، رواه البخاري في صحيحه عن أحمد بن محمد المكي عن عمرو بن يحيى مختصراً، دون سؤال أبي هريرة، ودون ذكر الجن، اهـ. وأخرجه البخاري في - البعث - في باب ذكر الجن ص ٥٤٤ عن موسى بن إسماعيل بطوله، وفيه سؤال أبي هريرة، وذكر الجن أيضاً، والظاهر من كلام البيهقي المتقدم ذكره: أنه غافل عن طريق موسى، وسياقه في الصحيح وإلا لأشار إليه، كما هو دأبه في غير المواضع في السنن فقول المخرج: قال أي البيهقي وقد أخرج البخاري عن سعيد بن عمرو، ثم ذكره السياق الطويل إن كان يريد بهذا ما ذكره البيهقي في السنن الكبير فليس على ما ينبغي، والله أعلم.
٢ أقول: هذا الإسناد حرفت أسماؤه من مواضع: أنا أذكر كل اسم على صحته، مع توثيق من وقفت عليه، أما سليمان بن أحمد، فهو سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني الإمام صاحب المعاجم، وهذا الحديث إنجاز وعد وعده المخرج، في الصفحة الماضية، وأما محمد بن عبد، فالصواب محمد بن عبدة أبو بكر المصيصي من شيوخ الطبراني في الصغير ص ١٨٣، لم أقف عليه بأزيد من هذا، وأما أبو معاوية الربيع بن نافع، فالصواب أبو ثوبة الربيع بن نافع ثقة حجة عابد من رجال التهذيب، ومعاوية بن سلام ثقة من رجال التهذيب، وأما زيد بن أسلم، فالصواب زيد بن سلام أخو مُعَاوِيَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>