للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ كَانَ هَذَا اللَّحْمُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ الْأَوَّلِ، لَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطْعَمَ لِلْأَسَارَى، وَلَكِنْ لَمَّا رَآهُ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْأَوَّلِ، وَصَارَ مَضْمُونًا عَلَى الَّذِي أَخَذَهُ، أَمَرَ بِإِطْعَامِهِ لِأَنَّ مَنْ ضَمِنَ شَيْئًا فَصَارَ لَهُ مِنْ وَجْهِ غَصْبٍ، فَإِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَلَا يَأْكُلَهُ، وَكَذَلِكَ رِبْحُهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ١ فِي الضَّحَايَا عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ الرَّبِيعِ ثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ بِهِ، وَحُمَيْدَ بن الربيع هو الخزار بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ، وَزَايٍ مُكَرَّرَةٍ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: كَذَّابٌ، وَتَعَقَّبَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ فَقَالَ: وَثَّقَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَقَدْ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ بِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ: مِنْ أَيْنَ أَخَذْت قَوْلَك فِي الرَّجُلِ يَعْمَلُ فِي مَالِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ إذْنِهِ: إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ؟ قَالَ: أَخَذْتُهُ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ هَذَا، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ الطَّائِيُّ ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَارَ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ فِي دَارِهِمْ، فَذَبَحُوا لَهُ شَاةً، فَصَنَعُوا لَهُ مِنْهَا طَعَامًا، فَأَخَذَ مِنْ اللَّحْمِ شَيْئًا لِيَأْكُلَهُ، فَمَضَغَهُ سَاعَةً لَا يَسِيغُهُ، فَقَالَ: "مَا شَأْنُ هَذَا اللَّحْمِ"؟ قَالَ: شَاةٌ لِفُلَانٍ ذَبَحْنَاهَا، حَتَّى يَجِيءَ نُرْضِهِ مِنْ ثَمَنِهَا، فَقَالَ عليه السلام: "أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ في معجمه الوسط حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ الطَّائِيُّ ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ بِهِ، وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ إذَا غَيَّرَهَا تَغَيُّرًا يُخْرِجُهَا عَنْ أَصْلِهَا، وَوَجْهُ الْحُجَّةِ أَنَّ مِلْكَ صَاحِبِهَا زَالَ عَنْهَا بِذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ يَأْمُرُ بِرَدِّهَا عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ الْخَصْمُ بِحَدِيثِ: " لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ"، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ فِي الْبُيُوعِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَارِثَةَ الضُّمَيْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ، قَالَ: شَهِدْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى، فَسَمِعْته يَقُولُ: "لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ"، فَقُلْت لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ لَقِيتُ غَنَمَ ابْنِ عَمٍّ لِي، فَأَخَذْتُ مِنْهَا شَاةً، فَاجْتَزَرْتُهَا٢ أَعَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، قَالَ: "إنْ لَقِيتهَا تَحْمِلُ شَفْرَةً وَأَزْنَادًا، فَلَا تَمَسَّهَا"، انْتَهَى. وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَأُخْرِجَ نَحْوُهُ عَنْ أَنَسٍ بِإِسْنَادَيْنِ: فِي الْأَوَّلِ مَجَاهِيلُ، وَفِي الثَّانِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ"، قُلْتُ: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ


١ عند الدارقطني في الصيد والذبائح ص ٥٤٥.
٢ قال ابن الأثير في النهاية ص ١٨٨ ج ١ في مادة الجيم مع الزاي: وفيه أرأيت إن لقيت غنم ابن عمي، أجتزر منها شاة؟ أي آخذ منها شاة أذبحها، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>