للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْوَالُهُمْ تَبَعًا لَهُمْ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: بَيْعُ رِبَاعِ مَكَّةَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا إنْ فُتِحَتْ عَنْوَةً، فَتَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى أَهْلِهَا فَيَجُوزُ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ: مَكَّةُ مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ، رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنَ مَاهَكَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَبْنِي لَك بَيْتًا؟ يَعْنِي بِمَكَّةَ قَالَ: "لَا، إنَّمَا هِيَ مُنَاخٌ لِمَنْ سَبَقَ"، انْتَهَى. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ١ عَقِيبَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: وَقَدْ صَحَّتْ الرِّوَايَاتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ صُلْحًا، فَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَا وَأَسْنَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَارَ إلَى مَكَّةَ لِيَفْتَحَهَا، قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: "اهْتِفْ بِالْأَنْصَارِ"، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءُوا، كَأَنَّمَا كَانُوا عَلَى مِيعَادٍ، ثُمَّ قَالَ: " اُسْلُكُوا هَذِهِ الطَّرِيقَ، فَسَارُوا، فَفَتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ"، وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ الَّذِي يَلِي الصَّفَا، فَصَعِدَ الصَّفَا، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَالْأَنْصَارُ أَسْفَلُ مِنْهُ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِقَوْمِهِ، وَرَغْبَةٌ فِي قَرَابَتِهِ، قَالَ: "فَمَنْ أَنَا إذًا؟! كَلًّا وَاَللَّهِ، إنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ حَقًّا، فَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ"، قَالُوا: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قُلْنَا ذَلِكَ إلَّا مَخَافَةَ أن يعاودنا، قَالَ: "أَنْتُمْ صَادِقُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"، قَالَ: فَوَاَللَّهِ مَا مِنْهُمْ إلَّا مَنْ بُلَّ نَحْرُهُ بِالدُّمُوعِ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ أَرَاضِيَ مَكَّةَ كَانَتْ تُسَمَّى السَّوَائِبَ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا سَكَنَهَا، وَمَنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا أَسْكَنَ غَيْرَهُ،

قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ٢ فِي الْحَجِّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ نَضْلَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَمَا تُدْعَى رِبَاعُ مَكَّةَ إلَّا السَّوَائِبُ، مَنْ احْتَاجَ سَكَنَ، وَمَنْ اسْتَغْنَى أَسْكَنَ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ وَمُسْنَدِهِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، والدارقطني فِي سُنَنِهِ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْأَدَمِيّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عُثْمَانَ بِهِ، وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ رَوَاهُ أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْرَقِيُّ فِي كِتَابِهِ تَارِيخِ مَكَّةَ، وَحَدَّثَنِي جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ بِهِ، قَالَ: كَانَتْ الدُّورُ وَالْمَسَاكِنُ بِمَكَّةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم مَا تُكْرَى، وَلَا تُبَاعُ،


١ في المستدرك في البيوع في باب مكة مناخ لا تباع رباعها ص ٥٣ ج ٢.
٢ عند ابن ماجه في الحج في باب بيوت مكة ص ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>