للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَتْ قَالَ سَلْمَانُ: فَانْطَلَقْت إلَيْهَا أَنَا، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَوَافَيْنَاهَا، تَذْكُرُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرَهَا عَلِيٌّ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لَهُ: اذْهَبْ إلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ شِئْت فَأَعْتِقْهُ، وَإِنْ شِئْت فَهُوَ لَك، قَالَ: فَأَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصِرْتُ أَغْدُو إلَيْهِ وَأَرُوحُ، وَتَعُولُنِي حُلَيْسَةُ، مُخْتَصَرٌ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُرْسَلَةٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ثَنَا قُتَيْبَةُ بن سعد ثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ قَدْ خَالَطَ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ دَانْيَالَ بِأَرْضِ فَارِسَ، قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَسَمِعَ بِذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصِفَتِهِ مِنْهُمْ، فَإِذَا فِي حَدِيثِهِمْ: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَأَرَادَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ، فَسَجَنَهُ أَبُوهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ هَلَكَ أَبُوهُ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى الشَّامِ، فَكَانَ هُنَاكَ فِي كَنِيسَةٍ، ثُمَّ خَرَجَ يَلْتَمِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخذه أهل يتماء فَاسْتَرَقُّوهُ، ثُمَّ قَدِمُوا بِهِ إلى الْمَدِينَةَ، فَبَاعُوهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمِئِذٍ بِمَكَّةَ، لَمْ يُهَاجِرْ، فَلَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ أَتَاهُ سَلْمَانُ بِشَيْءٍ، فَقَالَ لَهُ: "مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ قَالَ: صَدَقَةٌ، فَلَمْ يَأْكُلْ عليه السلام مِنْهُ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ الْغَدِ بِشَيْءٍ آخَرَ، فَقَالَ لَهُ: "مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ قَالَ: هَدِيَّةٌ فَأَكَلَ عليه السلام مِنْهُ، وَنَظَرَ سَلْمَانُ إلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، وَقَبَّلَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَقَالَ لَهُ: "كَاتِبْهُمْ يَا سَلْمَانُ"، فَكَاتَبَهُمْ سَلْمَانُ عَلَى مِائَتَيْ وَدِيَّةٍ، فَرَمَاهُ الْأَنْصَارُ مِنْ وَدِيَّةٍ وَوَدِيَّتَيْنِ، حَتَّى أَوْفَاهُمْ، انْتَهَى. وَهَذَا مُرْسَلٌ.

وَأَمَّا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ: فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ١ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَائِدَةٍ عَلَيْهَا رُطَبٌ، فَقَالَ لَهُ: " مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ قَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَيْك، وَعَلَى أَصْحَابِك، قَالَ: "إنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ"، حَتَّى إذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ جَاءَ بِمِثْلِهَا، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: " يَا سَلْمَانُ مَا هَذَا قَالَ: هَدِيَّةٌ، فَقَالَ: "كُلُوا"، وَأَكَلَ، وَنَظَرَ إلَى الْخَاتَمِ فِي ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "لِمَنْ أَنْتَ قَالَ: لِقَوْمٍ، قَالَ: "فَاطْلُبْ إلَيْهِمْ أَنْ يُكَاتِبُوك عَلَى كَذَا وَكَذَا، نَخْلَةً أَغْرِسُهَا لَهُمْ، وَتَقُومُ عَلَيْهَا أَنْتَ، حَتَّى تُطْعِمَ قَالَ: فَفَعَلُوا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَرَسَ ذَلِكَ النَّخْلَ كُلَّهَا بِيَدِهِ، وَغَرَسَ عُمَرُ مِنْهَا نَخْلَةً، فَأَطْعَمَتْ كُلُّهَا فِي السَّنَةِ إلَّا تِلْكَ النَّخْلَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ غَرَسَ هَذِهِ"؟ فَقَالُوا: عُمَرُ، فَغَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَحَمَلَتْ مِنْ سَنَتِهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ قَالَ الْحَاكِمُ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إلَّا عَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ.


١ في المستدرك في البيوع ص ١٦ ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>