للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ١ فِي الْحُدُودِ فِي بَابِ ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "أَلَا أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً"؟ قَالُوا: أَلَا شَهْرُنَا هَذَا، قَالَ: "أَلَا أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً"؟ قَالُوا: أَلَا بَلَدُنَا هَذَا، قَالَ: " أَلَا أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً"؟ قَالُوا: أَلَا يَوْمُنَا هَذَا قَالَ: "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، إلَّا بِحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْت"، مُخْتَصَرٌ.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ٢ في الحج بَابِ الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا"؟ قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا"؟ قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا"؟ قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا" ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد٣ فِي الْفِتَنِ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ دِهْقَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، أَوْ مُؤْمِنًا قَتَلَ مُؤْمِنًا عمداً"، فقال هانىء بْنُ كُلْثُومٍ: سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ٤ بِقَتْلِهِ، لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا"، قَالَ لَنَا خَالِدٌ: ثُمَّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ معنقاً٥ صالحاً، مالم يُصِبْ دَمًا حَرَامًا، فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا بَلَّحَ"، انْتَهَى.


١ عند مسلم في القصاص في باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض ص ٦٠ ج ٢، وعند البخاري في الفتن في باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ترجعوا بعدي كفاراً" ص ١٠٤٨ ج ٢، وغيره.
٢ عند البخاري في الحج في باب الخطبة أيام منى ص ٢٣٤ ج ١.
٣ عند أبي داود في الفتن في باب تعظيم قتل المؤمن ص ٢٣٠، ثم قال: وحديث هانىء بن كلثوم عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثله سواء.
٤ قال ابن الأثير في النهاية ص ٦٩ ج ٣: من قتل مؤمناً فاعتبط بقتله، هكذا جاء الحديث في سنن أبي داود ثم قال في آخر الحديث: قال خالد بن دهقان، وهو راوي الحديث: سألت يحيى بن يحيى النسائي عن قوله: "اعتبط بقتله"، قال: الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أنه على هدى، لا يستغفر الله، وهذا التفسير يدل على أنه من الغبطة، بالغين المعجمة، وهي الفرح، والسرور، وحسن الحال، لأن القائل يفرح بقتل خصمه، فاذا كان المقتول مؤمناً وفرح بقتله، دخل في الوعيد، وقال الخطابي في معالم السنن وشرح هذا الحديث، فقال: اعتبط قتله، أي قتله ظلماً، لا عن قصاص، وذكر نحو ما تقدم في الحديث قبله، ولم يذكر قول خالد، ولا تفسير يحيى ابن يحيى، انتهى.
٥ قوله: "لايزال المؤمن معنقاً"، أي مسرعاً في طاعته، منبسطاً في عمله، قوله: " فإذا أصاب دماً حراماً بلح"، بلح الرجل إذا انقطع من الاعياء، فلم يقدر أن يتحرك، وقد أبلحه السير فانقطع، يريد به وقوعه في الهلاك، بإصابة الدم الحرام، وقد تخفف اللام من النهاية ص ١١١ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>